نيويورك ــ دارفور24
دق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ناقوس الخطر خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في السودان، الذي لا يزال في “قبضة أزمة إنسانية ذات أبعاد مذهلة”، فيما تدهور الأمن الغذائي إلى أسوأ مستوياته “في تاريخ البلاد”.
واستمع مجلس الأمن، اليوم الاثنين، إلى إحاطتين من مديرة المناصرة والعمليات في مكتب أوتشا إيديم ووسورنو، ونائبة المدير العام للفاو بيث بيكدول، وذلك عقب صدور أحدث تحليل من قبل الشراكة العالمية للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.
وأشار التحليل إلى أن ظروف المجاعة سائدة الآن في خمس مناطق سودانية، بما في ذلك مخيمات زمزم والسلام وأبو شوك للنازحين داخليًا، وفي جبال النوبة الغربية. كما توقّع التحليل أن تتأثر خمسة مواقع إضافية، جميعها في شمال دارفور، بين ديسمبر المنصرم ومايو المقبل، مع وجود خطر المجاعة في 17 منطقة أخرى.
وقالت ووسورنو إن نتائج التقرير “صادمة، ولكنها للأسف ليست مفاجئة”.
وأضافت: “مع تكثيف القتال وتقييد الوصول إلى بؤر الجوع الرئيسية، كان انتشار مزيد من المجاعة والجوع – للأسف – السيناريو الأكثر ترجيحًا”.
أزمة من صنع الإنسان
وشدّدت المسؤولة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أن تأثير هذه الأزمة – “التي هي من صنع الإنسان” – لا يتساوى بين السكان، حيث يفرض الجوع الشديد مخاطر غير متناسبة على النساء والفتيات، وعلى الأطفال وكبار السن.
وقالت: “السودان هو المكان الوحيد في العالم الذي تم تأكيد المجاعة فيه حاليًا. ينتشر الجوع والمجاعة بسبب القرارات التي تُتخذ كل يوم لمواصلة هذه الحرب، بغض النظر عن التكلفة على المدنيين”.
ما المطلوب من المجلس؟
دعت ووسورنو مجلس الأمن إلى المساعدة في الضغط على الأطراف للامتثال للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الوفاء بالتزاماتها في تلبية احتياجات المدنيين وحماية البنية التحتية والخدمات الحيوية.
ونادت أعضاء المجلس إلى استخدام نفوذهم لضمان فتح جميع الطرق أمام إمدادات الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني.
وأشارت إلى أن خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في السودان لعام 2025 ستتطلب مبلغا قياسيا قدره 4.2 مليار دولار لدعم ما يقرب من 21 مليون شخص داخل السودان.
وتابعت: “هناك حاجة إلى 1.8 مليار دولار إضافية لدعم خمسة ملايين شخص – معظمهم من اللاجئين – في سبع دول مجاورة”.
وجددت دعوتها إلى وقف فوري للأعمال العدائية واتخاذ خطوات حقيقية وشاملة “نحو السلام الدائم الذي يحتاجه شعب السودان بشدة”.
آلاف الوفيات قبل الإعلان
وذكّرت نائبة المدير العام لمنظمة الفاو، بيث بيكدول، المجلس بأنه على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، تم تأكيد أربع مجاعات فقط: الصومال عام 2011؛ وجنوب السودان عامي 2017 و2020؛ والآن السودان في عام 2024.
وقالت: “كما تعلمنا من هذه الأزمات الشديدة، فقد حدثت بالفعل عشرات الآلاف من الوفيات قبل أن يتم تصنيفها على أنها مجاعة”.
وأوضحت بأن أحدث تحليل للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يظهر أن نصف سكان السودان – أو ما يقرب من 25 مليون شخص – يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك 15.9 مليون شخص عند مستوى الأزمة، و8.1 مليون عند مستوى الطوارئ، وأكثر من 637 ألف شخص عند المستوى الخامس – وهو أعلى مستوى ويعتبر كارثيا.
وأفادت بيكدول بأن الصراع والنزوح القسري يظلان المحركين الأساسيين لهذه الأزمة، التي تفاقمت بسبب تقييد الوصول الإنساني، فضلا عن الاضطرابات الاقتصادية والعوامل البيئية.
وأشارت إلى أن خسائر الإنتاج في المحاصيل الأساسية، مثل الذرة الرفيعة والدخن والقمح، خلال العام الأول من الصراع “كانت لتطعم نحو 18 مليون شخص لمدة عام، ومثلت خسارة اقتصادية تتراوح بين 1.3 و1.7 مليار دولار أميركي”.
وأكدت على أنه مع بدء موسم الحصاد الجديد قريبًا، “فإن الجوع وسوء التغذية يتصاعدان، في حين ينبغي أن يكون توافر الغذاء في أعلى مستوياته”.
حل فعال ومستدام
وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الفاو: “يتعين علينا اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة المجاعة في السودان، ويلعب مجلس الأمن الدولي دورًا حاسمًا، وهو ما أكده القرار 2417. إن خطر المجاعة وانتشارها (يثقل) ضميرنا الجماعي منذ أغسطس، والآن أصبح واقعًا ليس فقط بموت الناس من الجوع، ولكن أيضًا بانهيار الأنظمة الصحية وسبل العيش والهياكل الاجتماعية، مما يخلف عواقب لا رجعة فيها يمكن أن تستمر لأجيال”.
وشددت على أن زيادة المساعدات الغذائية والمياه والنقد أمر حيوي، لكن وحده لا يمكن أن يعالج النطاق الكامل لأزمة الجوع، حيث أن ضمان الإنتاج الغذائي المحلي من خلال الدعم الزراعي الطارئ أمر بالغ الأهمية لبناء القدرة على الصمود ومنع مزيد من الكوارث الإنسانية.
وتابعت: “يجب إعطاء الأولوية للدعم الزراعي الطارئ في السودان. لا أحد يتأثر بالصراع – سواء في مخيم للنازحين داخليًا أو في مجتمعهم الأصلي – يريد الاعتماد على المساعدات الغذائية. إنهم يريدون إعالة أسرهم واستعادة كرامتهم. إن تأخير هذا الدعم يهدد بتعميق انعدام الأمن الغذائي”.
وأشارت إلى أن الدعم الزراعي هو وسيلة فعالة من حيث التكلفة ومستدامة لتلبية الاحتياجات الفورية ويساعد في إعادة البناء.
وأكدت على أن فشل المجتمع الدولي في “التحرك الآن، بشكل جماعي، وعلى نطاق واسع”، يزيد من خطر تعرض ملايين الأرواح للخطر، ويهدد استقرار العديد من الدول في المنطقة.