الفاشر ــ دارفور24

لم يكن يدور بخلد صديق محمد مكي الشهير بـ “صديق ونكا” المشجع الرياضي المطبوع، والذي يعد أبرز وأشهر ظرفاء الفاشر ونجومها؛ أن تتحول شائعة وفاته إلى مبادرة إنسانية لمساعدة أهالي المدينة للتغلب على الأوضاع الحرجة والاستثنائية التي تعيشها الفاشر عاصمة شمال دارفور التي تدور فيها رحى الحرب وتضرب عليها قوات الدعم السريع الحصار من كل جانب منذ أبريل الماضي.

بداية الحكاية

في 3 يونيو الماضي، ضجت الاسافير بشائعة رحيل صديق ونكا، إثر سقوط قذيفة في مقر إقامته بأحد مراكز الإيواء ونعاه أهل الفاشر في وسائل التواصل الاجتماعي، حسث أظهر العديد منهم حزنه على رحيله وعددوا مآثره قبل ان يظهر “ونكا” للملأ بعد ساعات عبر مقطع فيديو مسجل علي منصة فيسبوك أكد فيه نجاته من حادثة القذيفة بأعجوبة وطمئن الجميع بسلامته وختم حديثه بالدعاء راجيا من الله ان تنطفئ نار الحرب هكذا بعبارات ولغة دارجية بسيطة “الله يبردي”

الله يبردي مبادرة للمساعدة

تحولت دعوة “ونكا”من مجرد ابتهال من أجل السلام إلى هاشتاق وموقف قام بتبنيه الرافضون للحرب الدائرة في البلاد وقاموا بأعادة نشرها عشرات المرات على منصات التواصل الإجتماعي ثم إعادة صياغته الى مبادرة شعبية خيرية أطلقها النشطاء والخيريين في الفاشر باسم “الله يبردي” لتقديم المساعدات الإنسانية ومعالجة آثار الحرب وشارك بتدشينها صديق ونكا في شخصه.

يقول أصحاب المبادرة التي بلغ عدد العضوية فيها نحو 300 شخص من أبناء الفاشر وبعض سكان الفاشر ممن عاشوا وعملوا فيها من مختلف التخصصات والمهن، إنهم تنادوا عبر مجموعتين عبر تطبيق واتساب من أجل تحويل المبادرة إلى واقع معاش.

وأشاروا إلى أن ابتهالات، صديق ونكا، ألهمتهم و قادتهم للتفكير في الطريقة المناسبة التى يمكن ان تخفف على الناس وطأة الحرب في الفاشر وبعد الدراسة الدقيقة للاحتياجات الملحة لأوضاع سكان المدينة عبر مكتب تنسيق المبادرة الذي تشكل تحديدا لذلك تم تحديد الحزمة الأولى من الأولويات.

وتتمثل الحزمة الأولى في الاحتياجات المتعلقة بطوارئ الخريف مع إعطاء الأولوية في التنفيذ للمقيمين بدور الإيواء ومخيمات النازحين المحيطة بالمدينة.

وشرعت المبادرة، عبر لجنة العمل الميداني، في تنفيذ توزيع ناموسيات ومشمعات لحوالي 300 أسرة موزعين علي ثلاثة مراكز إيواء في منطقة أبوجربون غرب الفاشر بتمويل من اشتراكات أعضاء المبادرة كما تم توزيع وجبات طعام استهدفت 300 أسرة أخري بالمخيم.

واشترت المبادرة طلمبات رش لتنفيذ حملات رش البعوض والحشرات الناقلة للأمراض بالمستشفي السعودي وعدد من المراكز الصحية في المدينة، كما أكملوا التخطيط لبناء حمامات ودورات مياه بمراكز الإيواء وتوفير مياه الشرب كما سيقوم الممولون للمبادرة بتوفير المزيد من مواد الإيواء و الطعام في عدد ثلاث مخيمات ومراكز نزوح.

وأعلن القائمين على المبادرة انطلاقة حملات الرش الضبابي ابتداء من الأسبوع القادم تستهدف بها اكتر من ١٠ مراكز ايواء في الفاشر، على أن تكتمل هذه الحزمة ببرنامج صحي علاجي بتوفير أدوية امراض الخريف مثل الملاريا والتايفود والاسهالات مترافقة مع حملات نظافة في جميع مخيمات النزوح ودور الإيواء في الفاشر والوصول للمحتاجين حتى داخل أحياء الفاشر وسيتم تنفيذ كل هذه المشاريع بأموال اشتراكات العضوية وتبرعات الخيرين ورجال الاعمال.

تحديات أمنية

يقول المبادرون لـ “دارفور24″، إن عقبات عدة تواجه المبادرة وتتمثل في الحصول علي بعض المعينات والمواد العينية التي يتم بها تنفيذ المشروعات كالسلع التموينية والادوية التي لاتتوفر في الفاشر نسبة للحصار المطبق علي المدينة وحتي لو توفرت في المدن القريبة يصعب امر إدخالها في ظل هذا الوضع الأمني بالغ الخطورة فضلا عن صعوبة الحركة للوصول للأسواق المحلية داخل الفاشر لشراء الاحتياجات الضرورية للمبادرة في ظل التدوين العشوائي المستمر بين أطراف القتال والذي يمكن أن يعرض المتطوعين لخطر الإصابات والموت فضلا عن صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية للمخيمات ودور الإيواء.

خطط مستقبلية

يقول منسق مبادرة الله يبري، محمد إبراهيم نكروما لـ”دارفور24″، إن من ضمن الخطط المستقبلية لاستمرار الدعم، القيام بخلق شراكات مع منظمات دولية وأخرى وطنية وشخصيات ورجال أعمال من مختلف أنحاء السودان بغرض الاستمرار في أهداف المبادرة إضافة إلى المساهمة في التغطية المستمرة للحوجة الملحة للطعام و الماء في مراكز الإيواء.

وختم نكروما حديثه بمناشدة لكافة المنظمات الدولية و الإقليمية والوطنية العاملة في مجال العمل الانساني بضرورة الإنتباه للمواطنين في الفاشر الذين يعيشون في ظروف وصفها بالحرجة متمثلة في الحصار وغلاء،الأسعار وتدمير البنية التحتية في ظل ظروف أمنية بالغة الصعوبة بسبب القصف والتدوين العشوائي على الاعيان المدنية.