تقرير:- دارفور 24
يكافح سكان بلدة تابت شمال دارفور، لأجل البقاء على قيد الحياة من خلال الاعتماد في طعامهم على الحشائيش وصفق الأشجار، بعد انعدام المواد الغذائية نتيجة الحرب التي تعصف بالسودان لأكثر من العام ونصف.
وفي قرية كداريك التابعة لوحدة ادارية تابت 45 جنوبي الفاشر عاصمة شمال دارفور، تستيقظ فاطمة إبراهيم مع شروق الشمس، لتتوجه إلى المزارع المجاورة للقرية لجمع نبتة “التمليكة” لأجل صنع الطعام لأطفالها.
تبدأ إبراهيم في تنظيف صفق وأفرع “التمليكة” لوضعها في قدرة ثم تقوم بصب الماء والملح باعتبارها الوجبة الرئيسية لأطفالها الأربعة، كغذاء رئيسي طوال اليوم وفق قولها لـ”دارفور24″.
وأضافت أنه “احيانا تفشل في العثور على نبتة التمليكة، لأنها أصبحت الغذاء الرئيسي لجميع سكان القرية وبقية القرى المجاورة، بعد أن احكمت القوات المشتركة المتمركزة في مخيم زمزم الحصار على عدة مناطق بمحليتي طويلة ودار السلام وتمنع وصول السلع الاستهلاكية بدواعي تواجد قوات الدعم السريع في المنطقة.
وتابعت أنه “بسب هذا الحصار والانفلات الأمني الذي ظلت تشهده قرى إدارية تابت، تفاقمت الأوضاع المعيشية وسط السكان والآن غالبية الأسر أطفالهم يعانون من سوء التغذية، في الوقت الذي لم نشاهد منظمة واحدة يوما ما لمساعدتنا”.
و”التمليكة” هي من النباتات التي تنبت عند فصل الخريف في مناطق متفرقة بدارفور وكردفان، تشبه “الموليتة والاركلة” في بعض المناطق بوسط السودان.
من جهتها تقول زهراء عبد الرحمن، ناشطة نسوية بالمنطقة، لـ”دارفور24″، إن السكان ببلدة تابت والقري المجاورها لها يواجهون أوضاعًا مزرية مع تفاقم أزمة المجاعة التي باتت تهدد حياتهم بسبب الحرب الدائرة في الفاشر منذ العاشر من مايو الماضي.
وأشارت إلى أن المسوحات الميدانية التي قامت بها شركاء اليونسيف وبعض المنظمات العاملة في المجال الانساني والصحي في مخيم زمزم مؤخرا، أظهرت أرقامًا مخيفة عن حالات سوء التغذية وسط الأطفال.
وأكدت أن غالبية الأسر التي تعاني أطفالها من مرض سوء التغذية تقطن قرى إدارية تابت والقرى المجاورها لها بمحلية دار السلام.
وترى عبدالرحمن أن المنظمات العاملة في المجال الإنساني أصبحت لا تهتم بحال السكان، بينما الأطراف المتحاربة عاجزة عن تقديم المساعدات للمتأثرين بالحرب وتواصل انتهاك القوانين الدولية والإنسانية وتحرم وصول المساعدات.
وأشارت عبدالرحمن إلى أن السكان ببلدة تابت وغالبية القرى المجاورة ومنطقة شنقل طوباي مؤخرًا لجأوا لأكل الحشائش والخضر من أجل البقاء على قيد الحياة، لكن اعتمادهم عليها فاقم من أمراض سوء التغذية وخاصة الأطفال.
ويعاني المئات من الأطفال من سوء التغذية في الريف الجنوبي الغربي للفاشر عاصمة شمال دارفور.
وقال طبيب من مستشفى تكوماري التابع لمنظمة أطباء بلا حدود بمخيم زمزم للنازحين ،أن هنالك عشرات الأطفال يعانون من سوء التغذية الحادة لم يتمكن ذويهم من نقلهم لمراكز التغذية العلاجية بسب أوضاعهم الاقتصادية وذلك يهدد حياتهم.
واضاف لـ”دارفور24″، مفضلًا حجب هويته بدواعي انه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، أن سوء التغذية والاسهالات المائية بدأت تتفشي بشكل مخيف وخاصة وسط الأطفال، وهنالك جهود من المنظمات العاملة في المجال الإنساني لتلافي الخطر لكن الحصار المضروب علة الفاشر لأكثر من أربعة أشهر ربما يفاقم المعاناة ويضاف من معدل الوفيات وسط الأطفال.
وفيات الأطفال
وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من تدهور الوضع في مخيم زمزم للنازحين بشمال دارفور، ونفاذ الغذاء العلاجي المخصص للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ما قد يؤدي لوفاتهم، لكن السودان ينفي وجود مجاعة في المخيم.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود في أوائل سبتمبر الجاري في منشور بموقها الإلكتروني إن هناك خطرا من حدوث نقص حاد في الغذاء المخصص لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مخيم زمزم للنازحين داخليا في ولاية شمال دارفور بالسودان.
وتسببت الحرب الدائرة منذ أكثر من 15 شهرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وجعلت 25 مليون شخص، أو ما يعادل نصف السكان، في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية.
وقالت المنظمة انها “فرقها لا تملك سوى ما يكفي من الغذاء العلاجي للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مخيم زمزم بالسودان لمدة أسبوعين آخرين”.
وقالت المنظمة إن معدل إشغال الأسِرَّة في جناح سوء التغذية لدينا يبلغ 126 بالمئة، مما يشير إلى أن العديد من الأطفال في حالة حرجة.