أخضع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اثنين من كبار مسؤوليه في السودان للتحقيق، بشأن اتهامات تتعلق بالاحتيال وإخفاء معلومات عن المانحين تتعلق بدور الجيش في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وفقًا لما نقلته “رويترز” عن 11 مصدر مطلع على التحقيق.
وأكدت “رويترز” أن التحقيق الذي يُجريه مكتب المفتش العام لبرنامج الأغذية العالمي يركز على الاشتباه في أن كبار موظفي البرنامج في السودان قد ضللوا المانحين، بما في ذلك الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن طريق التقليل من شأن دور الجيش السوداني المزعوم في عرقلة إيصال المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وأوضحت مصادر “رويترز” أن أحد المسؤولين الذين يشملهم التحقيق هو نائب مدير البرنامج في السودان، «خ. ع» والذي قالت إنه تم تكليفه الآن بـ«مهمة مؤقتة» خارج السودان، وهي خطوة تُعتبر عمليًا بمثابة تعليق عن العمل.
وأفاد شخصان مطلعان على التحقيق بأنه في إحدى الحالات في يونيو 2024، أخفى نائب مدير البرنامج في السودان عن المانحين أن السلطات المرتبطة بالجيش في بورتسودان رفضت منح الإذن لـ 15 شاحنة محملة بالمساعدات الحيوية للتوجه إلى نيالا في جنوب دارفور وهي منطقة تضم مجتمعات مهددة بالمجاعة وانتظرت الشاحنات لمدة سبعة أسابيع قبل أن يتم السماح لها بالمضي قدمًا.
بالإضافة إلى ذلك، يخضع مدير منطقة في برنامج الأغذية العالمي، «م.ع»، للتحقيق في ما يتعلق باختفاء أكثر من 200,000 لتر من وقود البرنامج في مدينة كوستي السودانية، ولم تتمكن رويترز من تأكيد ما إذا كان لا يزال في منصبه.
وعندما تواصلت رويترز مع «خ. ع» و«م.ع»، رفضا التعليق وأحالا الوكالة الإعلامية إلى مكتب الإعلام التابع للبرنامج.
وفي رد خطي على استفسارات رويترز، أكد برنامج الأغذية العالمي أن «الادعاءات المتعلقة بسوء السلوك الفردي في بعض جوانب عملياتنا في السودان» تخضع لمراجعة عاجلة من قبل مكتب المفتش العام، لكنه امتنع عن التعليق على طبيعة المخالفات المزعومة أو وضع الموظفين المحددين.
كذلك ذكرت رويترز أن بعض مسؤولي المساعدات أعربوا عن مخاوفهم من أن تصريحاتهم العلنية بشأن إلقاء اللوم قد تؤدي إلى طردهم من بورتسودان من قبل الجيش، مما قد يفقدهم الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش والتي تعاني من حدة الجوع.
حوادث احتيال محتملة
فيما أفادت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في بيان أنها أُخطرت من قبل البرنامج في 20 أغسطس بوجود «حوادث احتيال محتملة تؤثر على عمليات البرنامج في السودان». وأعربت الوكالة عن قلقها البالغ إزاء هذه الادعاءات وأكدت ضرورة التحقيق فيها بشكل شامل، مشيرةً إلى أنها أحالت القضية فورًا إلى مكتب المفتش العام الخاص بها.
وذكرت المصادر أن «خ. ع» تم ترقيته بسرعة غير معتادة داخل مكتب البرنامج في السودان، وكان له اتصالات رفيعة المستوى داخل الجيش السوداني، ويسيطر على منح تأشيرات الدخول لزملائه في البرنامج لدخول السودان، مما أتاح له الحد من الوصول إلى المناطق التي يديرها الجيش وتقليل الرقابة عليها، وفقًا لما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة الاتهامات الموجهة ضد «خ. ع» أو تحديد الدافع المحتمل الذي قد يكون وراء تضليله للمانحين.
ورداً على استفسارات رويترز حول دور الجيش في أزمة الجوع، قال المتحدث باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، إن الجيش يبذل كل ما في وسعه لتسهيل المساعدات «للتخفيف من معاناة شعبنا». في حين صرح متحدث باسم قوات الدعم السريع بأن التحقيق خطوة جيدة وينبغي أن يشمل جميع المساعدات الإنسانية.