تقرير ــ دارفور 24
تضاعفت معاناة العشرات من جرحى الحرب في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور غربي السودان، في ظل توقف عمل معظم المرافق الطبية.
وتتوالي التحذيرات من انهيار القطاع الصحي في الفاشر، مع تواصل الحرب والحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع علي المدينة لأكثر من أربعة أشهر.
ويعاني العشرات من المصابين الذين بُترت أطرافهم، من انعدام الرعاية الطبية بسبب نقص الكوادر الصحية والمستلزمات الضرورية، مما يفاقم من خطر إصابتهم بالأمراض.
واستقبلت المستشفيات في الفاشر المئات من الجرحى جراء الحرب الدائرة بين الأطراف المتحاربة منذ 10 مايو الماضي، فضلا عن القصف المدفعي المتواصل من قبل قوات الدعم السريع والذي تسبب بدوره في تدمير وخروج عددا من المستشفيات والمراكز الصحية من الخدمة، مما أجبر الجرحى للفرار إلى منازلهم.
ويعتبر السلاح الطبي التابع للقوات المسلحة المشفي الوحيد الذي يستقبل الجرحى بعد خروج المستشفي التخصصي للنساء والتوليد من الخدمة بشكل جزئي مؤخرا.
وينتظر أحمد يحي، وهو شاب يبلغ من العمر 30 عامًا، من ينظف جرحه بعد أن تم بتر أحد أطرافه في يوليو المنصرم.
وتقول مريم يحي، والدة أحمد لـ “دارفور 24″، إن ابنها إصيب بسبب قصف مدفعي استهدفت منزلهم بحي النصر، قبل يتفاقم إصابته بسبب إهمال صحي ولسوء ظروف الأسرة الاقتصادية.
وضاعف نقص الكادر الصحي والمستلزمات الطبية الضرورية وتكدس الجرحى في المستشفيات من معاناتهم، حيث مات العشرات منهم متأثرين بالجراح.
هجرة الكوادر الطبية
وقال مصدر طبي بالسلاح الطبي ــ فضل حجب هويته ــ لـ”دارفور 24″، إن الوضع الصحي بالفاشر كارثي جراء إستقبال المستشفى جرحى بشكل يومي وسط انعدام الكوادر الصحية والأدوية في بعض الاحيان.
وذكر أن مدينة الفاشر اليوم بها إخصائي واحد فقط للجراحة، في الوقت الذي يشهد فيه المستشفى تكدس مخيف للجرحي، قبل أن يستدرك بأن الأزمة الحقيقية الآن هو نقص الكوادر الدنيا والذي فاقم بدوره من انعدام الرعاية للجرحى بعد العملية.
وأكد المصدر على أن ولاية شمال دارفور شهدت خلال الثلاثة أشهر الفائتة مغادرة عدد كبير من الأطباء وخاصة الإخصائيين والكوادر الصحية الدنيا إلى خارج البلاد وبعضهم فروا مع عائلاتهم إلى مناطق أخري.
موت ببطء
ويشير المصدر الطبي إل أن بعض الجرحى في بعض الأحيان ينتظرون أكثر من ثلاثة أو أربعة أيام في انتظار الغيار، مما يجبر بعضهن وخاصة الذين فروا من المستشفيات بسبب انعدام الأمن للاستعانة بمتطوعين إسعافات أولية تنقصهم الخبرة.
وتابع: “أنهم يضطرون لتنظيف الجروح دون معقمات طبية، مما يفاقم من نسبة الإصابة بالعدوى، وربما يعرض الضحايا للموت ببطء بسبب تعفن الدم والأعضاء الداخلية”.
ونبه المصدر إلى أن المتطوعين ساهموا بشكل كبير في تخفيف المعاناة عن المئات من الجرحى خاصة في المستشفى الجنوبي والسعودي والمراكز الصحية بالأحياء، قبل أن يطالب السلطات الصحية والمنظمات العاملة في المجال الصحي برفع قدراتهم.
وتسبب الاقتتال بين الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه وقوات الدعم السريع في إلحاق خسائر كبيرة بالمرافق الصحية بالمدن السودانية وخاصة المدن بأقليم دارفور لأنها تعاني الهشاشة مسبقا بسبب الحروبات.
وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن 80% من المستشفيات في الفاشر خرجت من الخدمة وانقطعت وسائل الاتصال وتوقف استلام الإمدادات في المدينة.
وبالمقابل، قلل مدير عام وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور، إبراهيم عبدالله خاطر، من التحذيرات بشأن الأوضاع الصحية بالفاشر.
وقال خاطر إن مجموعة من المؤسسات توقفت عن العمل بالفاشر، لكن هنالك عددا مقدرا من المستشفيات يعمل علي مدار الساعة كمستشفى الشرطة ومستشفى السلاح الطبي والسعودي ومستشفى سيد الشهداء ومستشفى في زمزم، وهي توفر الخدمات للمواطنين.
وأضاف: “التهديد الوحيد للحياة في الفاشر يتمثل في القصف المتعمد لقوات الدعم السريع للمستشفيات والمراكز الصحية والأحياء والأسواق”.
وأقر خاطر بوجود نقص في الكوادر الصحية، حيث هجر العديد من الكوادر الولاية نتيجة لانعدام الأمن.
ولفت خاطر إلى أن هنالك عددا من الأطباء يعملون داخل الولاية وقادرون علي تقديم الخدمات الطبية الضرورية، كما أن المستشفيات تقوم بإجراء عمليات جراحية كبيرة ومتوسطة في أقسام العظام والجراحة العامة.