نيالا ــ دارفور24
مضت 10 أشهر على سيطرة قوات الدعم السريع على قاعدة الجيش في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، بعد معارك ضروس استمرت سبعة أشهر أزهقت خلالها آلاف الأرواح من المدنيين بمدافع المقاتلين وهدمت المئات من المنازل والمؤسسات الحكومية والخاصة، وشردت غالبية سكان نيالا.
بدأت المعارك بين الجيش والدعم السريع في نيالا بعد ساعات قليلة من اندلاعها في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل 2023، أعقبتها هدنة قصيرة بموجب مبادرات أهلية لم تصمد طويلا، حيث تجدد القتال بصورة أعنف فى أواخر مايو ولستمر بذات الوتيرة حتى 26 أكتوبر 2023، وهو الذي أعلن الدعم السريع سيطرته على الولاية.
ولم تجد الاشتباكات في نيالا تغطية إعلامية واسعة، خاصة الانتهاكات التي اُرتكبت في سياقها، نظرًا لتوقف شبكات الاتصال والإنترنت؛ لكن بعد فترة عادت خدمة الإنترنت إلى المدينة عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك”.
وطال الدمار مؤسسات الحكومة بصورة واسعة، حيث تعرضت بعض المرافق لدمار كامل والبعض الآخر لأضرار جزئية.
مؤسسات طالها التدمير
ورصدت “دارفور24” دمار العديد من المؤسسات التي أصبحت “خرابة” في مقدمتها مقر الحكومة المحلي الذي يطل على قاعدة الجيش، حيث لم تتمكن سلطات قوات الدعم السريع مباشرة عملها داخل هذا المقر للخراب البالغ الذي طاله بقذائف المدفعية الثقيلة ومسيرات الدعم السريع.
وتدمر المنزل الرئاسي لوالي الولاية ومقر بلدية نيالا ووزارة الصحة وإداراتها الفرعية، كما تأثرت وزارات الزراعة والبنى التحتية والرعاية الإجتماعية والتربية والتوجية والمالية والثروة الحيوانية ووزارة الثقافة والإعلام.
ووقعت أضرار بالغة في مقرات الإدارة العامة لأراضي جنوب دارفور وهيئة مياه الولاية وجامعة وكلية نيالا التقانيةروأمانة ديوان الزكاة وديوان الضرائب وأكاديمية العلوم الصحية.
وتضرر مستشفى نيالا التعليمى ومستشفى الشرطة والمستشفى العسكري ومستشفى نيالا التخصصي ومركز صحى يشفين ومستوصفات مناعة وشفاكير والأبرار، إضافة لمجمع المحاكم والنيابة العامة ومركز شرطة نيالا وسط ورئاسة شرطة الولاية والجهاز القضائي ومجمع محاكم نيالا شمال ومقر جهاز المخابرات العامة وقيادة الجيش.
وتدمرت جزئيًا جميع المصارف والفنادق وعدد من المدارس الواقعة في محيط الاشتباكات ومطبعة الكتب.
نهب واسع النطاق
وسجلت “دارفور24″، زيارة إلى المؤسسات التي تعرضت لتدمير جزئي وكلي، حيث لاحظت نهب كل مقوماتها من أثاثات وأجهزة وعربات وإتلاف كبير لملفات العاملين وبعضها وصل لمرحلة سرقة زنك أسقف المباني خاصة أمانة الحكومة وبلدية نيالا ووزارة الصحة وإدارة المساحة والأراضي، وزارة الرعاية الإجتماعية والثقافة والإعلام.
وشهد مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الولائية تخريب ممنهج لاستديوهات الإذاعة والتلفزيون ونهب كامل للأجهزة الإلكترونية وفقدان مكتبة الإذاعة التى تحوي تاريخها منذ التأسيس فى الثمانينات من القرن الماضي.
وشهد قطاع الكهرباء تدمير كبير فى الخطوط الناقلة والمحولات دون تأثر المحطة الرئيسية للوابورات بالسكة حديد لموقعها البعيد من محيط المعارك، ورغم محاولات إدارة الكهرباء بالولاية للعودة التدريجية للكهرباء إلا أنها باءت بالفشل نظر للتكلفة العالية للحوجة المطلوبة من الأعمدة والمحولات وأسلاك الشهد وغيرها.
وبعد العودة التدريجية لمؤسسات الخدمة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع، حاولت بعض المؤسسات أن تعاود نشاطها من داخل مقراتها لكن حجم الدمار حال دون تمكنها من ذلك حيث اتخذ القائمون عليها مقرات بديلة مؤقته لمزاولة العمل ومنها أمانة الحكومة ةوزارة الصحة والزراعة والغابات وبلدية نيالا ووزارة البنى التحية والرعاية الإجتماعية، لعدم صلاحية البيئة لمزاولة العمل فيه.
وباشرت وزارتا المالية والتربية والتعليم العمل فى مقراتها لعدم التأثر البالغ للمباني رغم سرقة كل محتوياتها بما فيها مراوح الأسقف والمكيفات.
وبعد عشرة أشهر من سيطرة الدعم السريع على ولاية جنوب دارفور وتشكيله لحكومة الأمر الواقع إلا أن كل مقرات المؤسسات المذكورة يكسوها الخراب ومازالت مهجورة.
وفى آواخر نوفمبر 2023، وعبر مجهودات الطوارئ الصحية ومبادرات من أبناء نيالا وخيرين أفلحت فى إعادة الخدمة فى مستشفى نيالا التعليمى والتخصصي بجانب مركز غسيل الكلى بعد خروجهما تماما عن الخدمة قبل أقل من شهر من سقوط فرقة نيالا.
وبعد العودة التدريجية للحياة بالمدينة بدأ القطاع الخاص يعاود نشاطه فى قطاع الصحة بدءا بالصيدليات التى أعقبها إعادة فتح المستوصفات الخاصة التى شملت مناعة وشفاكير والأبرار وشاكرين وفضائل والنور الخيري لطلب العيون.
وقال موظف بإدارة الحركة والترحيلات بالولاية لـ “دارفور24″، إن اجتماع عُقد بنيالا مؤخرا بشأن العربات الحكومية المنهوبة تم من خلاله الكشف عن أكثر من 750 عربة حكومية تمت سرقتها من المؤسسات الحكومية بحاضرة الولاية نيالا وفتحت بلاغات بذلك.
ويتخوف غالبية الموظفين بالولاية علي مصير ملفاتهم فى ظل التخريب الذي طال المؤسسات وعدم مباشرة إدارات شؤون الخدمة لمهامهم بجانب الخوف من تلف الملفات الموجودة فى بعض المكاتب التى تدمرت بالحرب.
وقال أحد موظفي ديوان شئون العاملين بوزارة المالية لـ ” دارفور 24″ إن موظفين بالديوان بعد سقوط فرقة نيالا قاموا بتجميع الملفات الموجودة بالديوان وحفظها فى موقع لن يتأثر بالأمطار.