شنقل طوباي ــ دارفور24

كغيرها من النساء اللاتي يقومن بدور رب الأسرة في غياب الرجل، أجبرت المجاعة التى بدأت تلوح في إقليم دارفور مريم إسحق عمر 37 سنة للجوء إلى جمع أوراق نبات “الملوخية” من أجل صنع الطعام لأطفالها السبعة.

تُعد مريم واحدًا من قرابة 100 ألف شخص، يقيمون في مخيم شداد الواقع على أطراف بلدة شنقل طوباي 55 كلم جنوب غرب الفاشر عاصمة شمال دارفور.

وقالت مريم لـ “دارفور24، إنها تستيقظ مبكرا للذهاب إلى الحقول لجمع أوراق نبات “الملوخية” بفضل هطول الأمطار ونمو النباتات ومن ثم إحضارها للطهي بالملح والعطرون مع وجبة “عصيدة الذرة” كوجبة واحدة في اليوم وتناول مديدة الذرة عند النوم.

وأشارت إلى أن زوجها خرج منذ 6 أشهر للبحث عن عمل وانقطعت أخباره لكن الأهالي قاموا بمساعدتها ومد يد العون لها.

وأضافت:” في الفترة الأخيرة أصبح الجميع سواسية لا أحد يمتلك شيئا. فقد ارتفع سعر جوال الذرة إلى 240 ألف جنيه والدخن بسعر 300 ألف جنيه وجركانة الزيت إلى 60 ألف جنيه للجركانة واللحم إلى 10 آلاف للكيلو و400 جنيه لجركانة الماء مع انعدام السيولة النقدية”.

وشددت على أنها لا تخفي حسرتها عندما تذهب لزيارة أحد أقربائها وتقدم لها وجبة فيها “الشرموط” وهي عبارة عن شرائح اللحمة ولا تتناول الوجبة لأن صغارها لم يتناولوا اللحوم لأكثر من ثلاثة أشهر، حيث كانت آخر مرة أحضرت لهم نصف كيلو من اللحم في عيد الفطر الماضي

تحتضن بلدة شنقل طوباي إثنين من أكبر المخيمات خارج مدينة الفاشر وهما مخيم نيفاشا وشداد، حيث يستوعب الأول ما يقارب 150 ألف نازح إضافة إلى النازحين الجدد بعد حرب 15 أبريل من مناطق نيالا والفاشر والخرطوم وزالنجي.

ويأوي مخيم شداد 100 ألف نازح بحسب عضو لجنة المخيم الشيخ إبراهيم عبد الله الذي أبدى حالة من الحزن لانعدام الغذاء كليا في المخيم وهروب الرجال من المسؤولية وتركها للنساء لمواجهة مصيرهن مع أطفالهن.

وقال الشيخ إبراهيم عبد الله لـ “دارفور24” إن الجوع تسبب في موت الكثير من السكان بعامل أمراض البطن فيما لا يذهب السكان إلى المستشفى الريفي خوفاً من العلاج الخاطئ وغلاء الدواء وأن الناس عادوا للأعشاب البلدية.

وقدر الشيخ إبراهيم أعداد الموتى هذا العام فقط بما يزيد عن 50 شخص وهو معدل وفاة غير طبيعي مقارنة بالأعوام السابقة.

وأشار إلى أن آخر إغاثة وزعت للنازحين كانت في نوفمبر الماضي وهس عبارة عن ملوة ذرة فقط لكل منزل كمنحة من أحد الخيريين.

وتسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر منذ أبريل الماضي في توقف الشاحنات التجارية القادمة إلى الفاشر ومن ثم إلى المناطق المختلفة مما أدى لارتفاع أسعار السلع الغذائية والوقود المرتبط بحياة المواطنين إلى الأضعاف.

ناشدت مريم المنظمات الوطنية والدولية بالتدخل العاجل وتقديم المساعدات الغذائية لهم.

وذكرت إن كل السكان يعانون مثلها وهنالك أسر صامتة فقط لا يجدون شيئا لتناوله مما حدا بهم لطحن “المخيط” وإستخدامه كغذاء.

تأمل مريم في نجاح الموسم الزراعي وحصاد الذرة للخروج من مازق المجاعة وتقول أنها قامت بزراعة “مخمس واحد” فدان وربع الفدان بسبب ارتفاع تكاليف الحراثة بمبلغ 50 الف جنيه للدواب و80 الف جنيه للتراكتور.

ويبدي الشيخ إبراهيم تخوفه من إقحام الرعاة الماشية في المزارع مما يهدد بفشل الموسم الزراعي بسبب غياب سلطة القانون وسيطرة المسلحين على الأوصاع دون تدخل اي جهة لحماية المزارعين.