الفاشر ــ دارفور24
يسود في أواسط النازحين بمخيم زمزم للنازحين 15 كم غربي الفاشر عاصمة شمال دارفور، جدل حول هوية الأفراد المنضوين تحت قوات الدفاع الذاتي أو ما يسمي محليا “بالتكوشات”.
وبرز هذا الجدل إلى السطح، بعد أسبوعين من أحداث العنف المسلح التي وقعت بين الدعم السريع وقوات الكفاح المسلح غربي الفاشر، فمن هم هولاء الأفراد المنضوين لقوات الدفاع الذاتي بالمخيم؟
تقول الناشطة النسوية بمخيم زمزم هدي حسين، لـ “دارفور 24″، إن المجموعة المسلحة التي تطلق علي نفسها اسم “تكوشات” أدخلت المخيم في أزمة منذ ظهورها في العلن بعد ثورة ديسمبر المجيدة بتورط عناصرها في عمليات سرقات ماشية تتبع للعرب الرحل في محيط منطقة كولقي ونقلها للمخيم.
وتشير حسين إلى أن المخيم ظل يشهد تهديدات مستمرة من قبل الرعاة بالهجوم عليه، بسبب سرقة رؤوس الماشية التي تُنهب من قبل التكوشات، ما تسبب في حالة رعب وهلع في أوساط النازحين الذين ليست لهم علاقة بهذه الأحداث من بعيد أو قريب بل هم فقط ضحايا ممارسات المجموعةالمسلحة.
وتضيف: “أفراد قوات الحماية كما تُسمي زورا، ينتمون لبعض الحركات المسلحة ويقومون بالسرقات ربما بسبب عدم كفاية رواتبهم أو لأطماع شخصية”.
تفلت واضح
وأبدى محمد يحي، وهو تاجر بسوق زمزم، قلقًا من تفاقم الأوضاع في المخيم بسبب الانتهاكات التي ترتكبها مجموعة تكوشات المسلحة والتي تطال النازحين.
وذكر أحد أعيان الإدارة الأهلية بالمخيم ــ فضل حجب هويته ــ لـ “دارفور 24″، بأن هذه القوات ترفض الاعتراف بالإدارة الأهلية، كما رفضت الانصياع للقوة المشتركة المتمركزة بالمخيم.
وأفاد بأن الطرفين تبادلا إطلاق النيران عدة مرات، ما تسبب في مقتل أحد عناصر القوة المشتركة في آخر حادثة سرقة الشهر الماضي، قبل أن تتمكن القوة المشتركة من القبض على اثنين منهما متورطين الحادثة تزامنت مع الأحداث غربي الفاشر.
اتصال بالقوة المشتركة
واستطلعت صحيفة “دارفور 24″، بعض من عناصر هذه القوات لكن اشترطوا استخدام ألقاب بدلا عن أسمائهم لدواعٍ أمنية.
وقال العضو بمجوعات تكوشات، كودنكار 40 عاما، لـ “دارفور24″، إنه انضم لقوات الحماية للدفاع عن المخيم لتلافي وقوع مجازر فيه.
وأشار، خلال حديثه لـ “دارفور24” من داخل سوق “جفلو”، إلى أنه التحق لقوات حماية النازحين بمخيم زمزم في العام 2019 بعد أحداث كردينق الأولى في غرب دارفور.
وشدد على أنه محارب قديم بحركة “علي كاربينو”، حيث تخلى عنها بعد وفاة قائده ونزوح أسرته إلى مخيم زمزم.
وأبدى كدونكار اعتزازًا وفخرًا بالقوة المشتركة التابعة لحركات الكفاح المسلح التي تحارب إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع.
وزعم كندونكار بأنه “لولا القوة المشتركة لسقطت مدينة الفاشر مثلها ومثل بقية مدن دارفور الأخري”، قبل أن يكشف بأن قوات الحماية في زمزم علي اتصال بالقوة المشتركة.
وهاجم كندونكار الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي واتهمتها بنقل الشائعات عن ممارسات المجموعة لزرع الخوف وسط المواطنين.
بدوره، قال تيري 50 عامًا، الذي كان مقاتلًا في حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي قبل أن يتخلى عنها ليعمل في الزراعة، إنه اتضم لمجموعة تكوشات بالمخيم طوعًا للزود عن النازحين من المليشيات المسلحة في قلاب بمحيط كولقي.
وشدد تيري، وهو أب لـ 5 أطفال، لـ “دارفور24” على أن بعض النازحين يسمونهم بالتكوشات لانهم لايعرفون بأن بعضهم شارك في عدة معارك، قبل أن يشير إلى أنه شارك في معركة أبو قمرة ضمن صفوف حركة تحرير السودان.
ونفي نييري اتهام ضلوع بعض عناصر المجموعة السرقات، لكنه استدرك: “هنالك شواذ داخل قوات الحماية ويجب أن لا يتهم جميع أفراد قوات الحماية بالسرقة”.
وفيما إذا كانوا السبب وراء انفجار الأوضاع في ريفي غرب الفاشر، أفاد نييري بأنهم شاركوا في الفزع وفقدوا أرواح عزيزة بالنسبه لهم.
وصحح نييري الأقوال التي تتهم قوات الحماية بأنها مليشيا موازية لمليشات الدعم السريع وتقوم باستهداف الرعاة والرحل، وقال إنهم يحملون السلاح لحماية النازحين وممتلكاتهم وليست مليشيا موازية لأي طرف.
إصرار على الحماية
أما كاربينو الموظف السابق بأحد المنظمات العاملة في المجال الإنساني قبل انفجار الأوضاع في 15 أبريل 2021، أظهر كاربينو في حديثه لـ “دارفور24” امتعاضه من المخاوف الأمنية التي تشهدها مدينة الفاشر هذه الأيام.
واتهم كاربينو مجموعات سكانية ــ لم يسميها ــ في مخيم زمزم بأنهم وراء الحديث السالب تجاه قوات تكوشات في الوقت الذي تقوم هذه القوات بحماية المخيم منذ عهد الوالي السابق نمر عبد الرحمن الذي أدعي وجود أسلحة في المخيم ولم يحمي النازحين من المليشيات التي ظلت تنكل بهم والتي ترتكب انتهاكات منها حالات الاغتصاب التي طالت عدد من النساء بينهن طفلات.
وشدد كاربينو على أنهم لن يتراجعوا عن حماية أسرهم مهما كلف الأمر، حيث ظل مخيم زمزم عصيًا على المليشيات كلها بفضل قوات الحماية.
ويعيش في مخيم زمزم 450 ألف نازح، حيث أجرت منظمة بلا حدود فحصًا جماعيًا لـ 63 ألف طفل فيه في مارس وأبريل، أظهر معاناة 30% منهم من سوء التغذية وهي نسبة مماثلة لفحص النساء الحوامل والمراضعات، مما يشير إلى مدى سوء الأوضاع في المخيم.