الفاشر ــ دارفور24
يواجه عشرات الآلاف من المدنيين بمدينة الفاشر شمال دارفور مصيرًا مجهولًا حال اجتياح قوات الدعم السريع للمدينة، في ظل عدم توفر المسارات الآمنة للخروج من المدينة المطوقة بالحصار العسكري.
وعزز الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والحركات والمليشيات المتحالفة معهما، استعدادهما لخوض معارك كسر العظم في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وسط قلق دولي من مصير المدنيين العالقين في المدينة.
وفي ظل هذه التوترات تضيق الدائرة أكثر على نحو 800 ألف مواطن يقطنون الفاشر أغلبهم نازحين من نيالا والجنينة وزالنجي.
صعوبة الحركة
وعبر عدد من المواطنين بأحياء مدينة الفاشر من صعوبة الحركة داخل المدينة وخارجها بسبب الارتكازات والبوابات والإجراءات المشددة من قبل أطراف القتال.
وقال صالح عبدالسلام لـ”دارفور24″ إنه “يضطر للذهاب إلى حي المصانع الواقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع للاطمئنان على والده الذي رفض الخروج من المنزل، مؤكدًا تعرضه للضرب والتحقيق من قبل الجيش في طريق عودته إلى جنوب المدينة واتهامه بالتخابر للدعم السريع وأضاف:” لولا معرفتي بضابط رفيع بالجيش لإنتهي مصيري بالقتل”.
ويواجه العشرات أمثال صالح صعوبة في التحرك داخل المدينة في ظل تجدد المعارك بالقصف المدفعي والغارات الجوية.
وذكر المواطن بحي الوحدة منصور كمال الدين لـ”دارفور24″ إن شقيقه تعرض لرصاصة طائشة بالقرب من موقف مليط وسط سوق الفاشر الكبير أثناء المناوشات بين الجيش والدعم السريع مما صعب من عودته إلى المنزل والإحتماء بمبني مجاور.
المسارات الآمنة
وفي حال احتدام المعارك بين الأطراف المتقاتلة لن يجد المدنيين الراغبين في الخروج من الفاشر غير خمسة مسارات للخروج، وفقاً لعدد من المواطنين تحدثوا لـ”دارفور24″.
وقال السائق بخط نيالا الفاشر دريج عمر سعد، ان أكثر طريق آمن هو المؤدي من جنوب الفاشر إلى وحدة كتال الإدارية بمحلية دار السلام، ويقع تحت سيطرة القوة المشتركة للحركات المتحالفة مع الجيش وتستخدمه الحافلات السفرية إلى نيالا وبليل بولاية جنوب دارفور، وإلى شعيرية وخزان جديد والضعين بشرق دارفور.
فيما أكدت سامية عبدالمالك لـ”دارفور24″ صعوبة الخروج الآمن من الفاشر عبر طريق زمزم شنقل طوباي لإنتشار قوات مسلحة مجهولة في المسار الثاني الذي يبدأ من مخيم زمزم جنوب غرب الفاشر مرورًا بـ “قوز أبزريقة” والحلة الجديدة وشنقل طوباي وأم دريساي للوصول إلى محليات ميرشينج والملم وكأس ونيالا بجنوب دارفور.
وأضافت: “تقوم هذه القوات بنهب المواطنين طوال الأسبوع مما دفع بأصحاب الحافلات السفرية وناقلات السلع إلى تغييره”.
وبحسب العمدة أزرق هرون مدة لـ”دارفور24″ يستطيع سكان أحياء جنوب وغرب الفاشر الخروج إلى مدن طويلة وكبكابية وكُتم عبر المسار الثالث الذي تتواجد مليشيات مسلحة في أجزاء من بادية كولقي، لكن ونظرًا لتخوفات المدنيين فأنهم يغادرون عبر مناطق شقرا وقولو التي تعد آمنة نسيبًا خاصة وأنها استقبلت نازحين من مناطق سرفاية وجخي وبقية قرى غرب الفاشر.
من جهته قال الناشط في غرفة مدينة الفاشر إبراهيم عبدالله أدم لـ”دارفور24″ ان المسار الرابع يقع في مرمي نيران قوات الدعم السريع والقوة المشتركة للحركات المسلحة، وهو طريق الفاشر ــ أم مراحيك ــ مليط، وقال إن الطريق تنتشر فيه أعمال النهب المسلح والعنف ضد المدنيين.
ويُلاحظ غياب السيارات وشاحنات البضائع عبر طريق الإنقاذ الغربي الفاشر ــ الكومة، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الطريق ونزوح سكان أحياء وسط وشرق الفاشر إلى الكومة والمالحة وأم كدادة، كما يقع هذا المسار تحت غارات الطيران الحربي والقصف المدفعي.
وتقول المتطوعة بجمعية الهلال الأحمر السوداني بشمال دارفور صفاء شمس الدين إنها إستطاعت عبر شعار الجمعية إخراج عدد من الأسر أثناء المعارك إلى جنوب المدينة والقيام بعلاج الجرحي من المدنيين رفقة عدد من المتطوعين.
مخاوف نازحو ابوشوك
وتحدث نازحين من مخيم أبو شوك، عن مخاوفهم من تعرض حياتهم للخطر حال اندلعت معارك بين أطراف النزاع لوقوع المخيم في دائرة الاشتباكات.
وقال أحد شيوخ مخيم أبشوك، يحيى زكريا، إنهم قرروا البقاء داخل المخيم وعدم النزوح مرة أخرى، مهما اشتدت المعارك بين الأطراف المتقاتلة.
وأفاد “دارفور24” بأن وجود أكثر من 5 مراكز إيواء داخل مخيم أبشوك يجعل مغادرته أمرًا صعبًا، رغم تأكيده بمقتل وإصابة العشرات من نازحيه بسبب القذائف والرصاص الطائش.
وقالت النازحة من مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، فائزة محمد أحمد، لـ “دارفور24″، إن أسرتها نزحت أربعة خلال فترة الحرب.
وأضافت: “نزحنا من نيالا إلى منواشي ومنها إلى حي المصانع بالفاشر، قبل أن نضطر للرحيل إلى حي الدرجة بعد قصف الطيران واستقر بنا المقام في مركز إيواء الجنوبية”.
ونزح نحو 11 ألف من مدينة نيالا إلى الفاشر، يقيمون في 23 مركز إيواء وفقًا لعضو مبادرة الإيواء بمدينة الفاشر محمد حسن الذي تحدث لـ “دارفور24”.
واستقبلت الفاشر عشرات الآلاف من النازحين من مدن دارفور الأخرى، كما نزح إليها قرابة 73 ألف شخص من قرى غرب المدينة بعد أن نفذت قوات الدعم السريع هجمات عليها.
وتقول الأمم المتحدة إن العنف في ولاية شمال دارفور يُشكل خطرًا فوريًا على 800 ألف شخص مدني يقيمون في الفاشر.