بورتسودان: دارفور24
كشفت تقارير وبيانات رسمية محلية ودولية اطلع عليها ”دارفور24“ حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد السوداني جراء الحرب التي أكملت عامها الأول وسط انهيار قطاع الخدمات بالدولة.
وأكدت التقارير انخفاض الإيرادات العامة للبلاد بأكثر من 80% وذلك وفقاً لحجم النشاط الاقتصادي لولاية الخرطوم والذي توقف تماماً خلال عام الحرب، ومع استمرار الحرب وتوقف النشاط الاقتصادي يبقى من الصعوبة تحصيل الـ 20% المتبقية من الإيرادات بحسب بيانات وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
فيما استمرت خسارة الحكومة لجزء مقدر من الضرائب والرسوم والعوائد مع تمدد رقعة الحرب.
وقُدرت الخسائر في إجمالي الرصيد الرأسمالي للسودان بحوالي 180 مليار دولار (البنية التحتية الإنتاجية، الطرق، المصانع، المطارات وغيرها) ويقدر الرصيد الرأسمالي للسودان بـ ”600“ مليار دولار وفقاً لتقديرات خبراء في عدد من الدراسات اطلعت عليها ”دارفور24“.
وكان الميزان التجاري قد سجل عجزا غير مسبوقا بنهاية 2022 بلغ حوالي 7 مليار دولار، وذلك بسبب انخفاض حصيلة صادر الذهب بحوالي 29% مقارنة بالوضع في 2021، نتيجة عدم الاستقرار الذي صاحب فترة انقلاب 25 أكتوبر 2022.
ويعتبر الذهب من أهم الموارد في هيكل الصادرات السلعية غير البترولية، وقد شكل حوالي 50% من إجمالي صادرات السودان في 2022.
وخلال أربعة أشهر ونصف فقد السودان (760) مليون دولار كقيمة حصائل صادر الذهب، حيث فقدت البلاد 85٪ من الإيرادات بحسب تقارير الشركة السودانية للموارد المعدنية.
أما الصادرات الأخرى، المتمثلة في المحاصيل النقدية (السمسم، الفول السوداني، القطن والصمغ العربي)، فقد أشارت بيانات الغرفة القومية للمصدرين أن حصيلة صادراتها بلغت خلال الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر 2023 حوالي 250 ألف دولار فقط.
القطاعات الحيوية
ومن المتوقع أن تقل المساحة المتوقع زراعتها بنسبة 20%، بعد فشل الموسم الزراعي الصيفي والموسم الشتوي، بسبب مشاكل التمويل، ومدخلات الإنتاج والعمالة والوقود ومشاكل الري، ومع غياب الدعم الحكومي.
وانخفض إنتاج الذرة الرفيعة بنسبة 25% فيما انخفض إنتاج الدخن بنسبة 50%، وبلغت مساهمة القطاع الزراعي 32.7% في الناتج الإجمالي في عام 2022 ويوفر هذا القطاع فرص عمل لأكثر من 50% من السكان.
وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ”فاو“ في وقت سابق أن السودان يحتاج استيراد حوالي 3.5 مليون طن من القمح لسد النقص المتوقع، وربما لا يستطيع السودان توفير هذه المبالغ لاستيراد هذه الكميات بسبب ندرة النقد الأجنبي.
ويستبعد خبراء إمكانية التزام الحكومة بتقديم تمويل للقطاع الزراعي بسبب إغلاق المصارف وعمليات النهب الواسعة الذي تعرضت لها عطفا على الخسائر الناجمة عن استمرار الإغلاق وتكبد القطاع المصرفي أكبر خسائر الحرب الاقتصادية حتى الآن، نظراً لأن جميع رئاسات المصارف تقع في مدينة الخرطوم، بالإضافة إلى تعرض ما يقارب 100 فرع من المصارف العاملة في السودان للنهب والسرقة والتدمير التام. ومعظمها في ولاية الخرطوم والتي تستحوذ على أكثر من 300 فرع مصرفي بحسب البنك المركزي
أما القطاع الصناعي فمن المتوقع أن ينكمش نموه بشكل كبير بسبب الحرب وتدمير البنية التحتية خاصة في ولاية الخرطوم حيث تمثل الخرطوم الثقل الأكبر في الصناعة بحوالي 85%، وفقا للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، تجدر الإشارة أن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 21% في عام 2022 .
معدل التضخم
في فبراير 2023 سجل معدل التضخم انخفاضاً ملحوظاً وبلغ 63.3% مقارنة بمعدل 83% في شهر يناير وذلك بسبب الاستقرار النسبي لسعر الصرف. بينما لم تتوفر بيانات منذ ذلك الوقت بسبب الحرب، وصعوبة احتساب التضخم الذي يتطلب إجراء مسح للأسواق.
ووفق صندوق النقد الدولي فقد قدر التضخم في نهاية 2023 بحوالي 256.2% وذلك نتيجة للتداعيات السالبة للحرب. كما أن بنك السودان المركزي ووفق منشور السياسات الصادر عنه في يناير 2024 فقد استهدف معدل تضخم بنهاية 2024 في المتوسط بحوالي 155.4% وهذا أقل بكثير من المتوسط المسجل في 2023.
أوضاع العاملين
وتمثل القوى العاملة في القطاعين العام والخاص حوالي 11% من إجمالي السكان، حيث تشير التقديرات الرسمية أن حوالي مليون موظف في القطاع العام لم يستلموا رواتبهم منذ مايو 2023، بينما تتجاوز تعويضات العاملين وفق موازنة 2023 نسبة 30% من إجمالي الإنفاق الكلي.
وتتفاوت نسبة سداد الرواتب حسب القطاعات، حيث تبلغ نسبة العجز الكلية في سداد الرواتب حوالي 55% وهناك قطاعات حيوية توقف فيها سداد الرواتب بشكل كبير كالتعليم والقطاع الطبي.
أما الوضع في القطاع الخاص فيبدو أنه أكثر تعقيدا، إذ يواجه حوالي 2.3 مليون موظف تحديات جمّة، حيث فقد معظمهم وظائفهم، بسبب توقف الشركات عن العمل، وكذلك بسبب توقف حوالي 60% من المصانع، و53% من شركات الأغذية توقفاً تاما.
كما أدت الحرب إلى تداعيات خطيرة على التوظيف وفرص العمل، وطرق كسب العيش، الأمر الذي انعكس على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وقد شهدت حوالي 38% من الأسر الريفية تحولاً في الأنشطة المدرة للدخل، وعلى نحو خاص الأسر التي تعيش في المناطق المتأثرة بالحرب بشكل مباشر.
وتجدر الإشارة إلى أن دخل الأُسر الحضرية قد انخفض بنسبة تتجاوز الـ 50% والأسر الريفية بحوالي 44% مقارنة بدخلهم في الفترة قبل الحرب وفقا لدراسة نشرها المعهد الدولي للسياسات الغذائية.
ارتفاع معدلات البطالة وتدني قيمة العملة
ومن حيث فرص العمل، وفقدان الوظائف وارتفاع معدلات البطالة، فإن الحرب تسببت في خسارة 5.2 مليون وظيفة، وهذه تمثل تقريبا نصف القوى العاملة في البلاد، هذه الخسارة في الوظائف مبنية على الانكماش الذي طال القطاعات الحيوية (الصناعة، الخدمات، والزراعة) بحسب ذات الدراسة.
ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في أكتوبر 2023 فإن معدل البطالة في السودان ارتفع من 32.1% بنهاية 2022 إلى 46% في 2023 ومن المتوقع أن يرتفع إلى 47.2% في 2024
ونتيجة لكل ذلك، فقد تآكلت قيمة العملة الوطنية بنحو 56%، إذ تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار من 580 جنيها قبل اندلاع الحرب، إلى 1300 جنيه، وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في ارتفاع السلع والخدمات الأمر الذي فاقم الأزمة المعيشية للمواطنين.