بورتسودان ــ دارفور24
كشفت دراسة جديدة عن تعطيل النزاع لدخل الأسرة الريفية، ما فاقم أوجه الضعف القائمة والمتعلقة بمساكنها ووصولها إلى البنية التحتية والخدمات.
وأجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، دراسة عن “سبل العيش في السودان وسط النزاع المسلح”، حيث استندت على تحليلات مسح شامل للأسر الريفية.
وقالت الدراسة، التي حصلت عليها “دارفور24″، إن 73% من الأسر الريفية تعيش في مساكن غير لائقة، بينما تملك أقل من 10% من الأسر إمكانية الوصول إلى المراحيض، فيما لا تحصل 32.3% من الأسر على الكهرباء.
وأفادت بأن 71% من الأسر الريفية لا تملك أراضي زراعية، فيما أقل من نصف الأسر التي تمتلك أراضي زراعية لا تزيد مساحتها عن 5 أفدنة.
وأشارت إلى أن أكثر من 70% من الذين شملتهم الدراسة أكدوا أنهم لم يستطيعوا زراعة الأرض خلال الموسم الصيفي في 2023، كما لم تتمكن 25% من الأسرة من زيارة الأسواق بسبب الحواجز المادية والقيود الاقتصادية وقضايا السلامة.
وقالت الدراسة إن 43% من الأسر الريفية أفادت بعدم قدرتها على إجراء العمليات الشراء الأساسية، حيث أرجع 64% من هذه الأسر عدم القدرة إلى ارتفاع الأسعار.
وشددت على أن تفشي انعدام الأمن الغذائي الحاد، يستلزم تدخلات عاجلة وواسعة النطاق لتعزيز المساعدات الغذائية، وتنشيط النظم الزراعية، واستعادة سلاسل التوريد، للتخفيف من حدة الأزمة الغذائية ومنع المزيد من التصعيد.
وخلصت الدراسة إلى أن منع المجاعة التي تلوح في الأفق يتطلب أيضا فوريا لإطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وزيادة الدعم لتدخلات الغذاء والتغذية والصحة والمياه والصرف الصحي.
ولاحظت الدراسة أن معظم الأسر تعيش في مساكن غير لائقة، مع وجود تفاوتات في الحصول على المياه والكهرباء وخدمات الصرف الصحي التي تشكل تحديات إضافية، كما تعاني الأسر الريفية من قلة فرص الحصول على الأصول، بما في ذلك الأراضي الزراعية، مما يزيد من تعقيد سبل عيشها.
وسلطت الدراسة الضوء على تسارع أزمة انعدام الأمن الغذائي، حيث تواجه 59٪ من الأسر الريفية انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، مع أعلى معدل انتشار في ولايات غرب كردفان وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وحذرت الدراسة من توقع حدوث مجاعة في السودان عام 2024، خاصة في ولايات الخرطوم والجزيرة ومنطقتي دارفور وكردفان.
وأضافت: “الأسر الريفية التي تعاني من انخفاض في الدخل وتلك التي تواجه صدمات، مثل المرض أو الوفاة أو الأحداث المناخية ، معرضة بشكل خاص لانعدام الأمن الغذائي المرتفع. والوضع حرج للغاية بالنسبة للأسر الريفية التي فقدت دخلها تماما”.
وأدى النزاع إلى اضطرابات شديدة في التوظيف وسبل العيش، مما أدى إلى عدم استقرار اقتصادي واسع النطاق.
وذكرت الدراسة أن نسبة كبيرة من الأسر الريفية 36.9٪ شهدت تحولا في الأنشطة المدرة للدخل، مع انتقال 15٪ من العمل إلى انعدام العمل.
وتابعت: “على الصعيد الوطني، انخفض دخل 60٪ من الأسر التي شملتها العينة، مع وقوع حوادث مقلقة من فقدان الدخل الكامل، لا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاع، مع انخفاض الدخل بأكثر من 50٪”.
وقد أدت الهجرة الجماعية التي فرضها النزاع، لا سيما من المناطق شبه الحضرية إلى المناطق الريفية، إلى خسائر كبيرة في الدخل بين المهاجرين.
وكانت شدة الصراع بمثابة عامل دفع كبير للهجرة عبر ولايات السودان المختلفة. على سبيل المثال، أجبرت 57٪ من الأسر في ريف الخرطوم على الانتقال خلال الصراع الحالي – وهي أعلى نسبة بين جميع الولايات، وفقًا للدراسة.
وقال ثائر شريدة، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإنابة في السودان: “إن فهم كيفية تأثير النزاع المسلح في السودان – الذي وصل الآن إلى عام واحد – على حياة الناس وسبل عيشهم يوفر أساسا مهما للتدخلات المستهدفة وإصلاحات السياسات للتخفيف من الآثار السلبية للنزاع وتعزيز القدرة على الصمود والاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل”.
وتابع: “في بلد يعيش فيه ثلثا السكان في المناطق الريفية، أعطينا الأولوية للتركيز على الأسر الريفية. ونحن نخطط لاستكمال نتائج هذه الدراسة بمسوحات مماثلة تركز على الأسر الحضرية وعلى المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة”.
بدوره، قال خالد صديق، زميل أبحاث أول في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية وقائد برنامج دعم استراتيجية السودان: “كانت معظم التحديات الهائلة التي تواجه السودان حاليا موجودة قبل النزاع، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي الأسري، والأسواق المختلة، والتفاوتات الإقليمية والجندرة، ومع ذلك، فقد أدت الحرب إلى تفاقم هذه المشاكل المزمنة إلى حد كبير”.