بورتسودان ــ دارفور 24
لم يعد الطريق إلى بورتسودان كما كان قبل عام، فقد حجبت الارتكازات العسكرية المتراصة جمال المعالم الطبيعية بعدما رمت الخرطوم بكل ثقلها السياسي والأمني والعسكري على المدينة الساحلية وحولتها إلى عاصمة مؤقتة.
ويمر القادم من مناطق السودان المختلفة إلى بورتسودان، بسلسلة طويلة من الارتكازات العسكرية بغرض التحقق من هويات الأشخاص والكشف على أمتعتهم والأسباب التي دفعتهم للقدوم إلى المدينة.
وتحولت بورتسودان إلى قبلة لكل السودانيين بعد السقوط المتتالي لحاميات الجيش على يد قوات الدعم السريع، وبعد سقوط ولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي أصبحت وجهة السودانيين شرق وشمال البلاد وزاد الاكتظاظ في المدينة الهادئة التي لم تكن وجهة إلا لأغراض السياحة.
و تنتشر القوات الشرطية والأمنية والعسكرية بكثافة أمام مؤسسات الحكم المحلية فيما تنصب العديد من الارتكازات في الأسواق والطرق الداخلية، قبل أن تتضاعف مع موعد سريان حظر التجوال الذي يبدأ في الساعة الحادية عشر ليلًا.
لا يقتصر التواجد الأمني أمام وداخل المؤسسات فقط، وإنما يمتد إلى قيادتهم المراكب التجارية الصغيرة مثل سيارات الأجرة و“الركشات“، بغرض جمع المعلومات عن خلايا قوات الدعم السريع في الأحياء السكنية، وفقًا لمصدر عسكري تحدث لـ “دارفور 24”.
ويشير إلى أن تواجد قادة الجيش ومؤسسات الدولة في المدينة، يتطلب تأمين عالٍ في ظل الحرب، حيث أن أي استهداف لهم يمكن أن يقوض تماسك القوات المسلحة في هذه المرحلة الحساسة.
ويقول أحمد موسى؛ أحد سكان بورتسودان وهو محامي، إن المدينة الساحلية تم تخطيطها وتنفيذها لغرض رئيسي وهو استقبال السفن وطواقمها من الركاب والعاملين عليها وعلى ذلك تأسست العلاقات الاجتماعية للمكون المجتمعي الذي ارتبطت مصالحه بالساحل وصار جزء منه ويشير أحمد إلى أن ثقافة المجتمع بُنيت على ذلك، وهو ما يفسر تقبل سكان المدينة لكل الوافدين رغم هشاشة البنية التحتية والهيكلية للمدينة بحسب قوله.
ويتوافد السودانيون إلى بورتسودان هربًا من العنف وبحثاً عن الخدمات خاصة الحكومية المتعلقة باستخراج المستندات الثبوتية، عطفاً على أن مطار المدينة أصبح بديلاً لمطار الخرطوم.
كانت بورتسودان قبل اندلاع الحرب بمثابة مدينة سياحية نظرًا لوقوعها على ساحل البحر الأحمر مع توفر الخدمات الفندقية، حيث حاول والي البحر الأحمر الأسبق محمد طاهر إيلا الاستفادة من هذه الميزة لدر العملات الصعبة دون أن يتشجع من خلفوه على الاستمرار في جعل المدينة واجهة سياحية.
ورغم أن الموانئ البحرية بدأت تفقد بعض أهميتها في انسياب السلع المستوردة منذ الحصار الذي فرضه زعيم قبيلة الهدندوة محمد الأمين ترك بإيعاز من قادة الجيش والدعم السريع في سبتمبر 2021، إلا أنها لا تزال أكبر منفذ لاستيراد البضائع.
ولا تزال خلافات عمال الموانئ الذي ينحدر معظمهم من المجتمعات المحلية مع الدولة والخاصة بالامتيازات المالية وإدارة المرفق الحيوي، تتصدر أحاديث المجالس، رغم التحول الكبير الذي شهدته بورتسودان في الأشهر الماضية.
ويتمثل هذا التحول في الازدحام وتزايد إعداد الوافدين إليها بصورة شبه يومية وزيادة الأنشطة التجارية لا سيما المطاعم والكافيهات ومحلات الملابس، علاوة على ارتفاع أسعار إيجارات العقارات بصورة جنونية.
وبجانب الوجود الواسع للقوات المسلحة حيث أصبحت المدينة مقرا لقائد الجيش بعد خروجه من القيادة العامة في أغسطس الماضي، فقد أصبحت المدينة مركز ثقل للحركات المسلحة المساندة للجيش مما ضاعف المظاهر العسكرية، وهو ما أصابها بالقلق والخوف وتوقعات الانفجار في ظل هذه الجيوش التي تحتضنها المدينة وفقاً لأحمد.