دارفور- دارفور24
آدم رجل ثلاثيني من أبناء حي “كنجومية” بمدينة زالنجي عاصمة وسط دارفور حمل امتعته واطفاله الثلاثة ورفيقة عمره وتوجه نحو موقف المواصلات التي تقله إلى مدينة نيرتتي التي تبعد نحو 70 كيلومتر، وهي المحطة الوحيدة التي تربط مدينة زالنجي بالعالم بعد أن انقطاع الاتصال عنها بسبب معارك الأربعاء 17 مايو 2023 بين الحيش والدعم السريع التي حولت المدينة الي مدينة أشباح.
وما أن انفضت المعركة حتى تبدأ الخطة “ب” وهي عمليات النهب والسلب والحرق التي تطال الأسواق والبنوك والمحال التجارية ودكاكين الاحياء والمنازل المتأخمة لمنطقة العمليات في المدن التي تندلع فيها المعارك.
ادم يقول- في مقابلة مع دارفور24- إنه رأى جثثاً ملقاة في الطرقات لحظة عبوره واطفاله إلى محطة المواصلات وسط صمت رهيب يعم المدينة، ولا وجود الا لبعض النساء اللائي أجبرتهن الظروف المعيشية ليعملن بائعات خضار وسط السوق المنكوب.
ادم اكد انه شاهد دماراً طال كل المؤسسات حتى مخازن الأدوية التابعة لهيئة التأمين الصحي بالمدينة، ونهب معدات وأجهزة مستشفى المدينة، ولم ينج الا مركز غسيل الكلى الذي انقذته العناية الإلهية من النهب والتخريب.
كانت رحلة آدم واطفاله عبر البص الوحيد الذي يتحرك بين مدينتي “نيرتتي- وزالنجي” ويحمل في داخله وعلى سطحه عشرات الفارين من جحيم الحرب من مدينة زالنجي
التي فقدت الأمن والأمان والخدمات بعد توقف الإمداد الكهربائي والمائي وانقطاع شبكات الاتصالات، لتغادر زالنجي محطة المدن وتتحول إلى قرية كبيرة منكوبة.
ادم طرح سؤالاً بحسرة قائلاً: أين أنتم ايها السودانيون مما يحدث في مدينة زالنجي التي تقطعت بها السبل والأسباب منذ أكثر من ثلاثة أسابيع تعرضت فيها جميع مقار المنظمات المحلية والإقلمية والدولية والبنوك وكل المرافق الحكومية والخدمية إلى النهب والتخريب من قبل اصحاب المواتر “الكسابة” هذا المصطلح أطلق علي مئات المسلحين يستغلون دراجات نارية ويتجمعون بأعداد كبيرة مثل النسور في انتظار الفريسة، وما أن تنجلي المعركة بين الجيش والدعم السريع الا ودخلت تلك المجموعات كالكلاب المسعورة لتقضي على ما تبقى وتنهب حتى ركام المعركة، أشخاص قال عنهم آدم انهم ملثمون قساة القلب مجردون من الرحمة، يحملون اي شئ حتى أبواب وشبابيك المنازل واسقفها.
كان ادم يتحدث وتكسوا الحسرة صوته الحزين، وهو يروي المشاهد المؤلمة عن أحوال الناس في زالنجي التي تنذر بالكارثة ان لم يتم التدخل العاجل لحماية المدنيين وفتح جسور لإيصال المؤن الغذائية والصحية ومعالجة الجرحى من المدنيين الذين أصيبوا بنيران الجيش والدعم السريع.
مدينة زالنجي وهي تحتضن عدد من مخيمات النازحين تضاعف سوء الوضع فيها بعد أن تحول كل سكانها إلى محتاجين للغذاء والدواء، وهي مثال لعدد من المدن الدارفورية مثل الجنينة وكتم انين وجراح وموت صامت.