حوار:موقع الأمم المتحدة
حذر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس من المخاطر الجمة التي تحيق بالبلاد من جراء الحرب الدائرة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
واستبعد فولكر بيرتس أن يتمكن أي طرف من الانتصار على الآخر، قائلا إن انتصار أي طرف – بعد معركة طويلة – قد يؤدي إلى ضياع السودان.
ووصف بيرتس إعلان حماية المدنيين الذي وقعه الطرفان في جدة بأنه خطوة أولى مهمة.
المزيد في هذا الحوار الذي أجراه الزملاء في مركز الأمم المتحدة للإعلام في جنيف، عبر دائرة اتصال، مع السيد فولكر بيرتس الموجود في بورتسودان، شرق السودان.
هل توقعت نشوب هذه الحرب خاصة في ظل المعلومات عن وجود استعدادات مسبقة للمعركة من قبل الطرفين؟
فولكر بيرتس: كانت هناك تحضيرات من الجانبيين لمعركة ممكنة، وطبعا نحن حذرنا الجانبيين من هذا الاحتمال وهذا السيناريو، لأنه إذا انفجرت الحرب بينهما قد تدمر البلد والمجتمع.
حاليا نرى إدراكا متزايدا لدى الطرفين بأن المعركة ليست معركة بسيطة. في بداية هذه الحرب أو قبل بدايتها كان الطرفان يعتقدان أن الحرب ستكون مسألة يومين أو ثلاثة أيام أو أسبوع وبعدها ينتصر طرف على الآخر. اليوم وبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع – بالأحرى أربعة أسابيع على بداية الحرب – أدرك الطرفان أن الانتصار ليس سهلا، فإذا استمرت الحرب حتى الانتصار لن يكون انتصارا في النهاية، بل سيكون فقدانا للبلد أو جزء كبير من البلد.
رحبت الآلية الثلاثية بالتوقيع على إعلان حماية المدنيين. كما صوّت مجلس حقوق الإنسان لصالح تعزيز مراقبة الانتهاكات في السودان. في ظل هذه التطورات، هل تعتقد أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام؟
فولكر بيرتس: صحيح أن اتفاق الطرفين في جدة كان خطوة مهمة، ولكنها ليست سوى خطوة أولية. إنها خطوة تحث على الاحترام المبدئي من الجانبين للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، فهذه نقطة مهمة. المهم أيضا هو أن الطرفين وقعا اتفاقا مشتركا والتزما باستمرار المحادثات في جدة كي يحصلا على وقف إطلاق نار حقيقي أو ثابت مع الاتفاق على معايير أو ترتيبات أو آلية مراقبة وتَحقُق لهذا الاتفاق في سبيل وقف إطلاق النار.
تمثلت المشكلة في السابق في عدم احترام وقف إطلاق النار، وكانت عبارة عن التزامات فردية من الطرفين كاستجابة لمحاولات التهدئة من قبل الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، وهيئة إيقاد)، والولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، وجمهورية جنوب السودان. ولم يكن هناك أي اتفاق مشترك.
وهذه أول مرة يلتزم فيها الطرفان منذ بداية الاشتباكات على ورقة أو اتفاق ولذلك تعتبر هذه خطوة أولى لكنها مهمة.
ما تعليقك على رفض السودان لقرار مجلس حقوق الإنسان بشأن تعزيز مراقبة الانتهاكات في البلاد؟
فولكر بيرتس: وفق مفهومي في نطاق سياسة الخرطوم – ليس فقط في هذه الأسابيع، بل منذ وقت طويل- أعتقد أنها (الحكومة) تتخذ مواقف ضد القرارات الدولية وتعتبرها تدخلا أجنبيا أو دوليا في أمور داخلية. طبعا نحن في الأمم المتحدة نقول إن موضوع حقوق الانسان ليس مسألة داخلية لأي دولة، وعلى هذا الأساس، تم التصويت في مجلس حقوق الانسان.
ما الخطوات التي تم القيام بها لمساعدة النازحين والجرحى المدنيين ولتأمين المساعدات الغذائية والأدوية؟
فولكر بيرتس: بدأت عملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى السودان من وعن طريق بورتسودان. نحن ننسق هذه المساعدات بتعاون كبير مع زملائنا من الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية.
من بورتسودان، ننادي المجتمع الدولي لمساعدة الشعب السوداني.
سيساعدنا الاتفاق المشترك الذي تم توقيعه في جدة – إن شاء الله- في توزيع الإمدادات لأن وصول المساعدات الى بورتسودان فقط ليس كافيا. هنا في شرق السودان مثلا نخدم النازحين القادمين من مناطق أخرى، ولكن هذا لا يساعد في إدخال المساعدات إلى الخرطوم لأنه لا توجد ممرات آمنة للقوافل الإنسانية. لذلك نتمنى أن يساعد اتفاق جدة العمل على الأرض عن طريق الوكالات الإنسانية والأمم المتحدة وشركائها من المنظمات غير الحكومية.
ما تعليقك على ما يقال عن استغراق الأمم المتحدة وقتا طويلا لإرسال المساعدات؟
فولكر بيرتس: في أي كارثة، تحتاج التحضيرات من هذا النوع – أي إرسال المساعدات- إلى بعض الوقت. في أي كارثة دولية تكون هناك انتقادات لتأخر وصول المساعدات، ولكن توجد حالة خاصة في السودان، لدى برنامج الأغذية العالمي واليونيسف وغيرهما من الوكالات مستودعات في كافة أنحاء البلاد، ولكن تم نهب غالبية المستودعات والسيارات، كذلك تم نهب الشاحنات التي كانت في طريقها من شرق البلاد أو من وسط البلاد إلى دارفور.
تم نهب جميع مستودعات الإمدادات الإنسانية تقريبا في دارفور.
لدينا اليوم ترتيبات جديدة. ولكن حتى التحضيرات لإيصال الإمدادات إلى دارفور عن طريق تشاد تحتاج الى تنسيق مع الدول المجاورة، مع الدولة ومع الحركات المسلحة في دارفور وغيرها من الجهات.
ما الخطوات التي يمكن أن تقوم بها دول المنطقة مثل مصر، السعودية والإمارات للمساعدة في إنهاء الأزمة؟ وهل هناك خطر من أن يمتد الصراع الى الدول المجاورة؟
فولكر بيرتس: أولا، هناك بعد إنساني وبعد دبلوماسي. ونحن نعرف أن بعض الدول المجاورة تقوم بنشاط دبلوماسي حقيقي يساعد على الوصول لوقف إطلاق النار وإعادة السلام إلى السودان- ومنها المملكة العربية السعودية وجمهورية جنوب السودان ومصر وغيرها من الدول المجاورة. أما البعد الإنساني فكل الدول المجاورة استقبلت نازحين ولاجئين من السودان. طبعا كانت هناك ترتيبات- أحيانا مزعجة- على بعض الحدود، ولكن في نهاية المطاف، كل الدول المجاورة ساعدت في استقبال النازحين.
طبعا مؤسساتنا ووكالاتنا مثل مفوضية شؤون اللاجئين ساعدت من الجانب الآخر على الحدود عند قدوم المواطنين السودانيين وغير السودانيين المقيمين في السودان عبر الحدود المصرية أو الحدود الشرقية أو الجنوب سودانية.
أما فيما يتعلق بتأثير الحرب في السودان على الدول المجاورة، هناك ضغوطات ناجمة عن تدفقات النازحين واللاجئين. وأكثر هذه الدول ليست غنية كما أنها بها تحديات إنسانية. ولهذا السبب فنحن ممتنون للغاية لهذه الدول لفتح حدودها لاستقبال النازحين واللاجئين.
ولكن إذا استمرت هذه الحرب، فهناك خطر حقيقي من أن بعض الدول أو بعض الجهات في هذه الدول قد تنجر إلى اشتباكات وصراع في السودان.
منطقة دارفور مثلا ظلت مفتوحة منذ القدم للحركات الموسمية من الناس مثل الرعاة. هناك علاقات تربط القبائل على الحدود، وهذا ليس أمرا جديدا. فلذلك توجد خطورة حقيقية أن أطرافا من خارج السودان قد تصل الى السودان للمشاركة في الاشتباكات أو للبحث عن الغنائم.
هل لديك أي رسالة تود توجيهها في ظل الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة في السودان وعلى النطاق الدولي؟
فولكر بيرتس: يجب أن تقف وتنتهي هذه الاشتباكات فورا، وهي الرسالة نفسها منذ يوم 15 نيسان/أبريل. لا توجد أي فرصة لانتصار أي طرف على الطرف الآخر وإذا انتصر طرف بعد معركة طويلة فقد يسقط البلد مع الانتصار العسكري