الخرطوم- وكالات
تجدد دوي الانفجارات وإطلاق النار وسط العاصمة السودانية الخرطوم -اليوم الاثنين- رغم دخول الهدنة السادسة حيز التنفيذ بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط تحذيرات دولية من تردّي الأوضاع الإنسانية في البلاد جراء المعارك.
وأفاد مراسل الجزيرة بتوالي أصوات إطلاق النار من أسلحة ثقيلة وخفيفة بمحيط القصر الجمهوري، ووسط الخرطوم، كما دوّت انفجارات عنيفة وتصاعد الدخان شمال حي كافوري وحول منطقتي شمبات والصبابي في الخرطوم بحري.
ورغم استمرار الاشتباكات، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس -في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس- اليوم الاثنين إن طرفي النزاع وافقا على إيفاد ممثلين لإجراء مفاوضات قد تعقد في السعودية.
وأوضح بيرتس أن المفاوضات ستركز في البداية على إرساء وقف لإطلاق النار “مستقر وموثوق” يشرف عليه مراقبون “محليون ودوليون”، لكنه نبّه إلى أن ترتيبات عقد هذه المحادثات لا تزال قيد الإنجاز.
عمليات الجيش
من جهته، قال الجيش السوداني -في بيان صدر اليوم الاثنين- إن الأوضاع مستقرة في جميع ولايات السودان، وإن قواته تمكنت خلال 15 يوما من القتال من تخفيض القدرات القتالية لقوات الدعم السريع بنسبة 45 إلى 55%.
واتهم الجيش قوات الدعم السريع بأنها حشدت قدرات كبيرة “لاختطاف الدولة السودانية ومصادرة قرارها وتدمير قواتها المسلحة”، وفق البيان.
وذكر الجيش أن تلك القدرات بلغت أكثر من 27 ألف مقاتل وأكثر من 39 ألفا ممن وصفهم بالمستجدين و1950 مركبة قتالية و104 من ناقلات الجند المدرعة و171 من العربات المسلحة بالمدافع الرشاشة.
وقال البيان إنه تم إحباط تعزيزات عسكرية لتلك القوات من جهة الغرب، وإيقاف تقدم قوة أخرى من الحدود الشمالية الغربية.
ورأى الجيش أن هذه التحركات تؤكد استمرار محاولات قوات الدعم السريع لتعزيز موقفها على الأرض.
وأشار إلى أن السودان ورث “عبئا ثقيلا لخطأ النظام البائد الإستراتيجي بتكوين مليشيا الدعم السريع”، مؤكدا أن الجيش لن يسمح بأن تقوم بالبلاد مجددا أي “تشوهات في بنيتها العسكرية”، حسب وصفه.
الدعم السريع يتمسك بمواقعه
في المقابل، قال القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو- في مقابلة مع الجزيرة- إن قواتهم لا تزال تسيطر على مواقعها في القصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون ومطار الخرطوم.
وأضاف أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي “يدير المعركة السياسية والعسكرية من الميدان”، وأن القوات تتلقى منه التعليمات.
وذكر القائد الثاني أن قوات الدعم السريع تواصل التصدي لتعزيزات الجيش القادمة من الولايات.
وفي ما يتعلق ببدء انتشار قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة في مواقع بالخرطوم، قال دقلو إنهم يصنفون هذه القوات بأنها “قوة مقاتلة ومعادية”.
وأضاف أنهم طلبوا من نائب مدير قوات الشرطة عدم إدخالها طرفا في القتال، لكنه لم يستجب، وفق قوله.
واتهم دقلو من وصفهم بعناصر النظام المعزول بالمسؤولية عن عمليات النهب التي تعرضت لها البنوك في الخرطوم.
وكان طرفا النزاع أعلنا موافقتهما على الهدنة الجديدة بوصفها تمديدا لسابقتها، على أن تستمر 72 ساعة بدءا من منتصف ليل الأحد.
وقال الجيش السوداني إن موافقته جاءت استجابة لوساطة أميركية سعودية، مؤكدا استعداده للتعامل مع أي خروق، حسب وصفه، كما اتهم قوات الدعم السريع باللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة بسبب “فشل مخططاتها في الاستيلاء على السلطة بالقوة”.
أما قوات الدعم السريع فقد أعلنت أنها وافقت على تمديد الهدنة استجابة لما وصفتها بنداءات دولية وإقليمية ومحلية بهدف فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من تدبير احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة.
وضع إنساني “كارثي”
وفي الجانب الإنساني، أعلن برنامج الغذاء العالمي استئناف أنشطته في السودان لتقديم مساعدات عاجلة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد.
وكان البرنامج علق أعماله في السودان بعد مقتل 3 من موظفيه وإصابة اثنين آخرين في المواجهات يوم 16 أبريل/نيسان الماضي.
من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أن أمينها العام قرر إرسال وكيله للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث فورا إلى المنطقة في ضوء الأزمة المتدهورة في السودان.
وجاء في بيان للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن حجم وتسارع وتيرة الأحداث غير مسبوق، وأعرب عن قلق المنظمة من التأثير الفوري وطويل الأمد على السودان والمنطقة.
بدوره، قال غريفيث (وهو أيضا منسق الإغاثة في حالات الطوارئ) إنه يبحث في كينيا التي يزورها اليوم إيجاد طرق لإيصال المساعدات إلى السودان وتوزيعها على المحتاجين.
ووصف غريفيث الوضع في السودان “بالكارثي” منذ بداية المواجهات.
وأكد المسؤول الأممي ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان مرور آمن للمدنيين الفارين من مناطق القتال واحترام العاملين في المجال الإنساني.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس الأحد وصول أولى شحناتها من المساعدات الإنسانية إلى السودان عقب اندلاع المعارك.
وأوضحت اللجنة- في بيان- أن الشحنة المكونة من 8 أطنان من المواد الطبية تتضمن معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني، وقد وصلت إلى بورتسودان (شرقي البلاد) على متن طائرة قادمة من الأردن.
عمليات الإجلاء مستمرة
في غضون ذلك، تتواصل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من السودان، وسط دعوات لطرفي القتال للالتزام بالهدنة الجديدة.
وأعلنت غرفة الطوارئ في بورتسودان مغادرة 9170 شخصا من رعايا دول مختلفة تم إجلاؤهم عبر ميناء بورتسودان حتى الآن.
وأضافت أن الوضع الصحي للرعايا الأجانب والسودانيين المنتظر إجلاؤهم مستقر ولا إصابات بينهم.