الخرطوم- دارفور24
غيمة من الحُزن غطت وجوه جموع المعزين صغارهم وكبارهم، وغمرت الدموع أعين رِفاقه الذين ظلوا يُرددون أقواله وهُتافاته الثورية بمحبة وكأنهم يطمئنوه على استكمالهم الطريق الذي مضى لأجله وهُم يتوسدون تراب منزله.
مبتسماً للجميع
“يا غيمة حانجيب التيار” يأتيك الصوت من بعيد لتُدرك إقترابك من منزل الشهيد الشاب أبوبكر المعتصم إسماعيل المشهور ب”غيمة”بمنطقة الثورة الحارة (٧٠) مدينة أمدرمان، بُعد المسافة وسُخونة الجو لم تمنع العشرات من التجمهر أمام منزله بينهم من لايزال ينتظره يخرج كعادته مبتسماً مكذباً استشهاده، يقول صديقة محمد “قاعد منتظره يطلع وماقادر أصدق إنه مات”!.
رصاصة في الصدر
الخميس الحادي والعشرين من يوليو الماضي أُصيب الشهيد برصاصة في الصدر على مقربة من صينينة الأزهري بامدرمان ليتم اسعافه على الفور إلى مستشفى “تقى” التخصصي بيد أن روحه خفيفة الظل فارقت الحياة مخلفاً خليط من الغضب والحُزن والصدمة وسط رفاقه الثُوار والسُّودانين أجمع ذلك لأن المواكب الاحتجاجية التي خرج مشاركاً فيها ذاك اليوم تُندد بالانتهاكات التي حدثت في إقليم النيل الأزرق الأسبوع الماضي وتنبذ الاقتتال القبلي والموت المجاني كما أنها مواكب محدودة لايستوجب تفريقها استخدام القوة المفرطة والرصاص الحي.
الغيمة
تنحدر جذور الشهيد أبوبكر المعتصم إسماعيل من الولاية الشمالية محلية الدبة منقطة فقرنكتي، عقب استشهاده وصفته لجان مقاومة محلية الدبة باخلاقه الكريمة وحبه للخير ودماثة خُلقه وبشاشته، وارجع اصدقائه الذين تحدثت معهم دارفور24 تشبيهه بالغيمة لابتسامته الودودة التي لا تفارق وجهه في احلك المواقف ومعاملته الحسنة للجميع وسعة صبره فهو كالغيمة أينما حل.
استهداف وترصد
مُمثل أُسرة الشهيد “غيمة” في مخاطبته للثُوار وصف اغتيال نجلهم بالضربة الموجعة لأسرته ووالده المُقيم خارج السُّودان، وشددّ على أن ما حدث لم يكن عشوائياً وإنما عن قصد وترصد، فالشهيد الشاب عُرف بتواجده في الصفوف الأمامية في كافة المواكب والمظاهرات الرافضة للانقلاب وتمسكه بالقصاص للشهداء واستكمال السُلطة المدنية، مستنكراً استخدام القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين السلميين سيما في مدينة أم درمان.
لجان مقاومة بيت المال بمدينة امدرمان أيضاً أدانت تعرض المواكب الاحتجاجية في صينية الأزهري للقمع المفرط وغير المبرر ما تسبِّب في سقوط الشهيد غيمة وإصابة “3” آخرين بجروح متفاوتة جميعها بالرصاص الحي.
وظلت المواكب الاحتجاجية التي تخرج بالعاصمة الخرطوم تواجه قمعاً ارتفعت وتيرته عقب انقلاب 25 اكتوبر حتى بلغ عدد شهداء المواكب منذ تاريخ الانقلاب الى أكثر من 105 شهد حسب احصائيات لجنة أطباء السودان المركزية، اضافة الى مئات الجرحى وعشرات المفقودين.