تحقيق- دارفور 24
سيطر الحزن على ملامح وجهها وهي تسرد ماواجهته من متاعب لتوفير تكلفة الحج لهذا العام الذي لم تعتقد إنها ستتضاعف عن العام الماضي وتُحرم من تحقيق أمنية حياتها وهي على أعتاب الـ(60) عاماً تقول السيدة “فاطمة” : أشعر بخيبة أمل كبيرة فقد بذلت كلما في وسعي، متسألة عن أسباب ارتفاع التكلفة هذا العام والتي وصفتها بغير المنطقية.
ضياع الحُلم
السيدة “فاطمة” ليست وحدها من عجز عن الإيفاء بالتكلفة المالية المحددة من قبل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عبر إدارة المجلس الأعلى للحج والعمرة والبالغة (2,241.085) جنيه بحراً و(2.512.588) جوا للحاج الواحد في ولاية الخرطوم، عوضًا عن (7000 إلى 8000) ريال تكلفة العام الماضي.
استمعت دارفور24 لـ(10) مواطنين/ات من سُكان العاصمة المثلثلة عجزوا عن توفير جزء كبير من المبلغ المطلوب فعادو بخفي حنين.يقول الحاج أدم محمدين يبلغ من العمر 60 عامًا من سكان مدينة أمدرمان، المبلغ الذي تطلبه إدارة الحج والعمرة غير منطقي بتاتًا ولا أعتقد أن أغلب السودانين قادرين على توفيره في ظل ماتُعاني منه البلاد. وأضاف :حاولتُ جاهدًا وتمكنتُ من توفير (2) مليون جُنيه وعجزتُ تمامًا عن الإيفاء بالمبلغ المتبقي ولو بـالإستدانة.
تكلفة “مرتفعة”
وجهت السيدة نهى التوم- ربة منزل وأم لـ(6) أطفال- من سكان مدينة بحري، تُهماً مباشرة لإدارة الحج والعمرة التي قالت إنها تُحاول بما حددته من تكلفة امتصاص دماء المواطن المغلوب على أمره والاستفادة من موسم الحج ونهب أموال السودانين، وأشارت إلى التصريح الذي أدلى بِه رئيس مجمع الفقه الإسلامي البروفيسور عبدالرحيم أدم وهو ايصًا عضو مجلس أمناء المجلس الأعلى للحج والعمرة والذي قال خلال ندوة أُقيمت بدار المجمع إن التكلفة المعلن عنها لحج هذا العام “مرتفعة جدا” وهناك زيادة عن التكلفة المحددة بمايُقارب المليون جنيه وعندما سألتُ الجهات المعنية عن الأسباب لم أجد أجوبة. وأشار إلى أن التكلفة المعلنة تحتاج لمزيد من الدراسة.وبدوره أبدى وزير الأوقاف سابقًا عمار ميرغني تخوفه من أن يكون الحج محصوراً على الأغنياء ورجال الأعمال الفترة المقبلة لأن تكلفة الحج أصبحت باهظة للغاية.”التوم” فشلت على الرغم من اضطرار الأسرة بيع مساحة (100) متر في منطقة الحاج يوسف بمحلية شرق النيل من توفير المبلغ كاملاً، على أمل أن تستقر الأوضاع الاقتصادية في البلاد ويحصد الشعب السوداني ثمار ثورته وتتمكن من اداء شعيرة الحج العام القادم.
المجلس الأعلى للحج والعمرة
من جانبها أوضحت إدارة الحج والعمرة التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن التكلفة المرتفعة للحج هذ العام تعود إلى ثلاثة أسباب أولها ارتفاع تكلفة حزم السلع والخدمات في المملكة العربية السعودية المتمثلة في (السكن ، النقل ، الاطعام ، الطوارئ .. ألخ). وتحصلت دارفور 24 على مستند جزأ التكلفة المالية للخدمات بالسعودية على النحو التالي:
1/ تكلفة السكن بمكة المكرمة 18,151,872 ريال
2/ تكلفة السكن في المدينة المنورة 8,197,200 ريال
3/ الإطعام 10,200,960
4/النقل 9,896,256
5/ خدمات المشاعر بمنى وعرفات 47,940,413
6/كبونات الهدي 9,824,496
7/رسوم متنوعة 17,818,284
8/ شيك الوكلاء الموحد 13.228,272
9/معينات ومستلزمات الحج 1,469,424
10/ تسيير أعمال الحج 5,563,650
11/ طوارئ 1,241,400
وقال المدير التنفيذي للمجلس الأعلى للحج والعمرة د.محمد عبدالوهاب في حديثه لـدارفور 24 إنّ حزم الخدمات تُحسب بالريال السعودي ومن ثم يتم تحويلها إلى الجنيه السوداني للسداد. مشيرًا إلى أن ثاني أسباب زيادة التكلفة هي أسعار التذاكر جوًا والبالغة (450) ألف جنيه وبحرًا (150) ألف جنية.
وثالثها الرسوم الحكومية المتمثلة في رسوم المجلس الأعلى للحج والعمرة وقيمتها (9) ألف جُنيه،وقيمة الأمصال والكرت الصحي والتطعيم (42,800) جنيه، والـتأمين التكافلي (350) جنيه. إضافة لزيادة الضريبة من 5% إلى 15%، وارتفاع تكلفة خدمات “باقات المشاعر المقدسة” ارتفعت بنسبة 370% حيث بلغت (5000) ريال بدلاً عن (1150) العام الماضي، مقراً بوجود فروقات كبيرة بين تكلفة العام الحالي والماضي.
أعداد ضئيلة
وعلى الرغم من أن حصة السودان الممنوحة من الحجاج بلغت الـ (14,487) حاج، قسمت على النحو التالي ،منحت الولايات الـ(18) عدد (12336) حاج وعدد (2151) للشركات والوكالات السودانية و(453) عضوا للبعثة و(192) للقوات المسلحة وذلك عقب إعلان السلطات السعودية رفع أعداد الحجاج إلى (مليون) من داخل وخارج المملكة بعد عامين من تفشي وباء كورونا، إلا أن أعداد كبيرة تخلفت من الراغبين في أداء شعيرة الحج لهذا العام من المواطنين بالمركز والولايات نتيجة عجزهم عن الايفاء بالتكلفة التي وصفوها بالباهظة. وقالت السيدة “فاطمة” في حديثها لـدارفور24 إنها عجزت عن تسديد جزء ضئيل من المبلغ الكٌلي وإن التكلفة المحددة غير منطقية وتهدف إلى امتصاص دماء المواطن ونهب أمواله.
يقول المدير التنفيذي للمجلس الأعلى للحج والعمرة في تكملة حديثه لـدارفور 24 إن بعض الولايات لم تُكمل الحصة الممنوحة لها من عدد الحجاج بناء على القرار رقم (7) لسنة 2020م والذي نص على اعتماد احصائيات الرقم الوطني كأساس لتوزيع الحصص،حتى الآن.وأشار إلى أن ولاية جنوب كردفان على الرقم من أن حصتها تبلغ (288) فقط حاج إلا أن العدد لم يكتمل.
من جانبه أفاد مدير الحج والعمرة بولاية جنوب دارفور عمر صالح عن تمكن 50% من المتقدمين من اكمال اجراءاتهم وغادروا إلى الأراضي المقدسة الأحد الماضي ـ ولفت إلى أن المتقدمين لحج هذا العام بالولاية بلغ عددهم (772) شخص بينما الذين تمكنوا من اكمال إجراءات والسفر بلغ عددهن (393) شخص. وعزا صالح عدم قدرة المتقدمين للحج على اكمال إجراءاتهم إلى الكلفة المالية الغالية اضافة إلى ضيق فترة التقديم والاشتراطات الصحية والعمرية.