وكالات- دارفور24
تعقد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جلسة استماع اليوم الثلاثاء لمناقشة الوضع المتأزم في السودان، وستستمع اللجنة إلى إفادة كل من مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية “مولي فيي” ونائبة مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إيزوبيل كولمان.
ويتوقع أن تكون الجلسة التي تعقد بعنوان “العملية الانتقالية المهددة في السودان والسياسة الأميركية بعد انقلاب 25 من أكتوبر” حامية، إذ ستواجه “مولي فيي” غضب المشرعين الذين أعربوا في أكثر من مناسبة عن امتعاضهم من السياسة الأميركية تجاه السودان.
فأعضاء اللجنة بدءً من رئيسها الديمقراطي بوب مننديز، مروراً بكبير الجمهوريين فيها جيم ريش، وصولاً إلى السيناتور البارز كريس كونز، يدعمون فرض عقوبات على القادة العسكريين في السودان لمحاسبتهم على أحداث 25 أكتوبر، واستعمال العنف المفرط بحق المتظاهرين السلميين، وهم طرحوا مشاريع قوانين لدفع الإدارة بهذا الاتجاه وسط الخلافات العميقة بين توجه السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الملف.
من الواضح أن توجه الإدارة الأميركية كان مختلفاً في ملف العقوبات، فرغم التهديدات المستمرة والشجب المتكرر للعنف الذي أودى بحياة 79 متظاهراً على الأقل، حتى الآن، إلا أن البيت الأبيض لم يفرض أي عقوبات، فيما تسعى “مولي فيي” جاهدة، إلى حشد الدعم للجهود الدبلوماسية لحل الأزمة عبر لقاءاتها مع ممثلي المجتمع المدني في السودان، والقادة العسكريين في السلطة.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط فان مساعدة وزير الخارجية للشئون الافريقية ستضطر اليوم تفسير هذه استراتيجية الادارة الامريكية للمشرعين الغاضبين، خصوصاً في ظل ما تردد من معلومات بأنها كانت على خلاف مع المبعوث السابق للقرن الأفريقي جيفري فلتمان، الذي كان من الداعمين لسياسة فرض العقوبات على القادة العسكريين، وسط ترجيحات بأن تكون هذه الخلافات هي التي أدت إلى تنحي فلتمان من منصبه، وتعيين دايفيد ساترفيلد مكانه.
وقد كثف ساترفيلد منذ تعيينه في هذا المنصب من المساعي لحل الأزمة، إذ زار السودان وإثيوبيا والسعودية، الشهر الماضي، مع مولي فيي، وهو حالياً يزور كلاً من تركيا وإسرائيل وكينيا.
موضوع آخر يختلف عليه المشرعون والإدارة هو توصيف أحداث 25 من أكتوبر، فبينما يحرص الكونغرس على تسمية ما جرى بـ”انقلاب عسكري”، لا يزال البيت الأبيض يشير إلى الأحداث بعبارة “الاستيلاء العسكري” على السلطة، في توجه انتقده أعضاء الكونغرس الذين دعوا في أكثر من مناسبة الإدارة الأميركية إلى اعتماد توصيف الانقلاب العسكري لمحاسبة “قادة الانقلاب”.
فحث السيناتور الجمهوري جيم ريش، مثلاً الإدارة الأميركية على “التعامل مع ما حصل في 25 من أكتوبر على أنه انقلاب عسكري”، مشدداً على أن الكونغرس “سيدعم الشعب السوداني من خلال السعي لمحاسبة قادة الانقلاب، الذين يستمرون باستعمال العنف المدعوم من الدولة ووسائل أخرى لقمع أصوات السودانيين”.
سيحتل ملف ترشيح جون غودفري سفيراً أميركياً لدى السودان، مساحة لا بأس بها من النقاش، فقد أشارت مصادر في مكتب رئيس اللجنة بوب مننديز لـ”الشرق الأوسط”، بأن السيناتور سيسلط الضوء خلال الجلسة على “أهمية أن يستلم شخص مؤهل وذو خبرة هذا المنصب المهم للغاية”، ورفض المصدر الحديث عما إذا كان مننديز يدعم غودفري، مشيراً إلى أن عملية المصادقة من قبل مجلس الشيوخ ستكون طويلة، وتحتاج إلى التدقيق بخلفيات المرشح ومؤهلاته.
وينتقد البعض تأخر الإدارة الأميركية في تعيين سفير، وقال السيناتور الجمهوري جيم ريش، في تصريحات خاصة لـ”الشرق الأوسط”، إن «المماطلة تدل بشكل واضح على غياب الأوليات التي أعطيت لترشيح اسم لهذا المنصب منذ أن أعلن وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، عن تبادل السفراء مع السودان في ديسمبر (كانون الأول) 2019»، مشيراً إلى “أن شغر هذا المنصب أمر طارئ”.
كما لمح ريش إلى أن مرشح الإدارة جون غودفري، ليست لديه خبرة سابقة كسفير، قائلاً: “كنت أفضل أن أرى مرشحاً لديه خبرة سابقة كسفير، لكني أعلم أن وزارة الخارجية تواجه تحديات في التعيينات لهذا المنصب، كما قالت لنا”.
وتكمن دلالات تصريحات من هذا النوع في تفاصيلها، إذ يحتاج قبول غودفري مصادقة مجلس الشيوخ لتسلم منصبه رسمياً، ويجب عليه قبل المصادقة أن يمر عبر اللجنة نفسها التي يترأسها مننديز عن الحزب الديمقراطي، وريش عن الحزب الجمهوري. وبناءً على هذه التصريحات، يبدو أن الطريق ستكون طويلة أمام غودفري، ما سيعرقل أكثر من جهود الإدارة في حل الأزمة المتصاعدة في السودان.
لكن غودفري يحظى ببعض الدعم، إذ أعرب السيناتور الديمقراطي كريس كونز لـ”الشرق الأوسط”، عن ترحيبه بترشيح غودفري، مضيفاً: “إنه دبلوماسي مخضرم وعلاقاته قوية مع كل الأطراف المعنية بالأزمة السياسية الحالية وتحديات أخرى يواجهها السودان”. وتابع كونز، وهو عراب مشروع العقوبات الفردية على معرقلي الاستقرار في السودان، “اتطلع للعمل مع غودفري عن قرب بعد المصادقة عليه لدعم الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية في السودان”.
وفي ظل هذه الخلافات والتحديات والغموض في مواقف الإدارة، يبدو أن الموقف الوحيد الثابت والواضح هو الإصرار على عدم الإفراج عن الـ700 مليون دولار من مساعدات للسودان، التي جمدتها الولايات المتحدة بعد أحداث الـ25 من أكتوبر، قبل “عودة حكومة بقيادة مدنية”