أكد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، الثلاثاء، أن الوضع في السودان ما زال يثير القلق الجدي مع تواصل قتل وإصابة المتظاهرين السلميين من قبل أجهزة الأمن بشكل شبه يومي، بالإضافة إلى إستمرار القمع ضد معارضي السلطات والصحفيين المستقلين.
وأوضح مكتب المفوض السامي في موجز صحفي من جنيف اليوم عن الأوضاع في السودان أوضح ان تقارير موثوقة من (اللجنة المركزية لأطباء السودان) تشير إلى مقتل 71 شخصاً وإصابة أكثر من 2200 بواسطة السلطات الأمنية أثناء التظاهرات التي أعقبت الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021، من ضمنهم 17 شخصاً قتلوا منذ بداية العام الحالي. وبالأمس فقط، قامت السلطات الأمنية، مستخدمة الرصاص الحي، بتفريق المتظاهرين في الخرطوم بوحشية أدت إلى مقتل سبعة متظاهرين وإصابة العشرات.
كما لاحظ مكتبنا المشترك لحقوق الإنسان في السودان وجود نمط يوضح أن 25% من المصابين قد أصيبوا مباشرة بعبوات الغاز المسيل للدموع، الأمر الذي يثير القلق حيال إطلاق السلطات الأمنية عبوات الغاز المسيل للدموع بشكل أفقي باتجاه الأفراد في مخالفة للمعايير الدولية.
نكرر مطالبتنا السلطات السودانية بالتوقف الفوري عن الاستخدام غير المتناسب وغير الضروري للقوة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية، ضد المتظاهرين السلميين. لا يُسمح باستخدام الذخيرة الحية إلا كتدبير نهائي يتم اللجوء إليه بشكل صارم في حالة وجود تهديد وشيك للحياة أو إصابة خطيرة. إن هنالك حاجة إلى إجراء تحقيقات شاملة وسريعة ومستقلة، وعلى السلطات واجب ضمان تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان للعدالة.
فيما تستمر حملة الاعتقالات والحجز التعسفي ضد المتظاهرين والصحفيين والعاملين في مجال الإعلام وسط فرض حالة الطوارئ، حيث تقوم قوات الأمن بإقتحام منازل الناشطين، وحتى المستشفيات، لاعتقال المصابين من المتظاهرين ومنعهم من الحصول على الرعاية الطارئة. كما أن هناك تقارير مقلقة عن اعتداءات على العاملين في القطاع الصحي ومنشآت الرعاية الصحية.
ويبدو أن قمع حرية الرأي والتعبير قد ازداد عبر إعتقال الصحفيين، واقتحام وتفتيش المنازل والمكاتب، وإساءة معاملة الصحفيين وتعليق تراخيصهم، فقد تعرض ما لا يقل عن ثمانية صحفيين لإساءة المعاملة من قبل القوات الأمنية أثناء تغطيتهم للمظاهرات.
في يوم السبت 15 يناير، تم سحب ترخيص قناة (الجزيرة مباشر) الناطقة بالعربية والتابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية. وفي 13 يناير، ورد أن القوات المسلحة السودانية قامت باقتحام مكتب (قناة العربي) في الخرطوم، واعتقلت أربعة من العاملين به أثناء قيامهم بتغطية المظاهرات من على سطح المبنى. كما أنه وفي 30 ديسمبر، قامت الشرطة وقوات الأمن المشتركة المتضمنة لقوات الدعم السريع باقتحام مكتبي قناة (العربية) و (الحدث) في الخرطوم خلال تغطيتهم للمظاهرات في الخرطوم. في أثناء الإقتحام، قامت القوات الأمنية بضرب العاملين بالعصي ومضايقتهم وإتلاف ممتلكات المكتب.
نطالب السلطات السودانية بالتوقف عن استهداف الصحفيين وضمان الاحترام الكامل للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وتسهيل التظاهر السلمي بدلاً عن مواجهته بالقوة غير الضرورية وغير المتناسبة. كما يجب أن يكون الصحفيون والمؤسسات الإعلامية قادرين على القيام بعملهم الهام بحرية وبأمان من دون أي مضايقة وترهيب.
وكما شددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، فإن هناك حاجة ماسة إلى حوار جاد وشامل وتشاركي لضمان العودة السريعة إلى الحكم المدني في السودان. ويجب أن يشارك الشعب السوداني في صناعة مستقبل البلاد.