إلجنينة – دارفور24
عُرٍفت جولات القتال الدامي بين المساليت والقبائل العربية في مدينة الجنينة في اقليم دارفور في يناير سنة 2020 ويناير وأبريل من العام الجاري 2021 بأحداث مخيم كريندنق 1 وكريندنق 2 ومخيم ابوزر وحي الجبل.
مآت القتلى والجرحى
أودت تلك الاحداث بحياة 452 على الاقل من الجانبين بينهم 43 من النساء والأطفال وخلفت عدد 528 جريحا بحسب زعيماء الطرفين.
كما أن الصراعات السابقة حصدت مآت الأرواح في 1997 في نزاع قبلي صرف وسنة 2003 بعيد انطلاق النزاع المسلح في دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة فانخرطت اعداد كبيرة من الجانبين أحدهما انحاز للحركات المسلحة والاخر للحكومة دون احصاءات .
أسباب تراكمية للصراع بين العرب والمساليت
تقول رواية القبائل العربية ان سنة 1983 كانت بداية الاعتداءات عليهم من قبل المساليت بالاعتداء على الاشخاص المتواجدين في عزلة عن العشيرة وقد وصلت الاعتداء عليهم ذروتها بمقتل ستة من قادتهم الاهليين سنة 1997 غدراً حسب أحد زعمائهم الامير عبدالرحمن عبدالخير، معزياً تلك الاعتداءات الى الكراهية الزائدة من قبل المساليت ضد العرب.
بينما ترجع رواية المساليت تاريخ الصراعات بين الجانبين الى ستة 1991 باتهامهم للعرب بأعمال النهب المسلحة والاغارة على قرى المساليت بدافع السلب وافقار القبيلة الى ان وصلت الى أحداث العام 1997 الشهيرة على قول القيادي في المساليت مجيب الرحمن.
تراكم الغبن لدى الطرفين وغياب حلول السلطة الحاكمة أديا الى تأسيس المساليت ضمن قبائل أخرى حركة تمرد مسلحة ودفع العرب الى الانحياز الى الحكومة والتسلح بسلاحها لمقاتلة تحالف القبائل المتمردة يتفق الجانبان في هذا القول.
سطوة خشنة لكليهما
في مدينة الجنينة تبدوا سطوة المساليت بائنة من جهة، بقدرتهم على خلق الفوضى دون ان يستطيع احد ردعهم فقد حولوا كافة مؤسسات الدولة الى مراكز للايواء جراء نزوحهم من مخيم كريندنق وأبوزر وحي الجبل . باستثناء مقر الوالى ووزارة المالية فليس هناك مؤسسة نجت من ذلك سواء كانت المؤسسات الولائية او الهيئات الاتحادية حتى ان الجهاز القضائي والمحاكم متوقفة تماما وكذا بقية مؤسسات الدولة على العمل بسبب استيلاء الناس عليها، ومن جهة تبدوا مظاهرهم المسلحة بائنة للعيان في صفوف الحركات المسلحة وأنشطة التجنيد والتدريب النشطة التي أوجد النزاع مع العرب مناخاً ملائما للاستقطاب والتجنيد لصالح الحركات التي يغلب عليها الطابع العرقي لقبيلة المساليت، فترى الشباب والشابات بلباس ومظاهر جنود الحركات المسلحة يجوبون المدينة طولا وعرضا بصرامة بائنة على أعينهم وقد تتجاهلهم أعين عناصر القوات الحكومية المرابطة على الطرقات الرئيسة .
في المقابل فان العرب تبدو سطوتهم من خلال تعدد مراكز قوتهم المسلحة وبعضها خفي عن العين، اذا يعتمدون على تسلحهم الواسع في البوادي والقرى المجاورة لمدينة الجنينة علاوة على حضورهم الطاغي داخل قوات الدعم السريع وهي قوات تسيطر على الوضع الميداني في كافة ارجاء المدينة الى جانب الجيش فضلا عن توفر العرب على معلومات الدولة الامنية عن طريق هذه القوات وعناصر جهاز المخابرات الوطني الذي يتعامل معهم بسخاء.
وقد بدا لي ان العرب يتوفرون على موارد عدة – مالية ومعدات – تساعدهم على انجاز المهام اللوجيستية أثناء الصراعات التي تنشب مع المساليت تجعلهم أكثر فاعلية فضلا عن توفر المعلومات. وفي ذلك يتبادل الطرفان لاتهامات بشان استفادة العرب من انحياز بعض من جنود قوات الدعم السريع اليهم وكذا الحال انحياز بعض من جنود الشرطة الى المساليت .
موقف القوات الحكومية
يجمع الذين تحدثوا الينا من سكان مدينة الجنينة بان القوات الحكومية بكافة تشكيلاتها وقفت موقف المتفرج ابان القتال الاخير الذي اندلع بداية في مخيم أبوز وامتد الى حي الجبل المجاور وقد استمرت المعارك اربعة ايام متتالية تنتثرت فيها جثث الموتى في كل مكان ولم يستطع احد الوصول اليه أو مواراتها الى بعد خمسة أيام
الوضع الراهن بين القبيلتين
ليس هناك اتفاق سلام بين الجانبين يحفظ السلم والامن ، وكل ما في الامر ان الاطراف استنفدت طاقتها من القتال الذي استمر اربعة أيام دون ان تتدخل جهة لوقفه خلال الاسبوع الثاني من شهر أبريل الماضي .
و الان كل طرف يعمل حسابه للطرف الاخر، وفي الوقت نفسه لا تبدو في الافق نية بائنة لأي من الطرفين في استئناف القتال لكن احتمالية وقوع جولات قتال بعيدة المدى ربما قابلة الورود نظراً للخصومة الكبيرة بينهما وقد اجمع كل من تحدث معهم في هذه الفرضية بالإيجاب .