- النائب العام تقرير الجيش في أحداث 29 رمضان غير ملزم.
حوار : شمائل النور – دارفور24
بينما كان غارقاً في مهامه الإدارية هاتفه القصر الجمهوري للحضور، وهناك أبلغه نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو أن التكليف وقع عليه لشغل منصب النائب العام بعد قبول استقالة تاج السر الحبر، وهو خارج من القصر كان تفكيره ينصب في كيف يجمع شتات النيابة العامة الذي تفرق بين الأجسام كحال كل القطاعات والمؤسسات بعد الثورة، ليس هذا فحسب فالشارع المتعطش لتحقيق العدالة لا ينتظره فقط، بل يحاصره من كل حدب وصوب، وساعة إجراء هذه المقابلة كان بعض الشباب ينفذون وقفة احتجاجية للإفراج عن معمر موسى وميخائيل بطرس اللذان ألقت القبض عليهما لجنة إزالة التمكين في بلاغات غير واضحة للرأي العام.
تسلم مبارك محمود مهام التكليف قبل أن تجف دماء عثمان ومدثر من محيط قيادة الجيش بعد أحداث 29 رمضان التي تجمع فيها بعض أسر الشهداء لإحياء الذكرى الثانية لمجزرة القيادة وانتهت بقتل اثنين من الشباب، يدرك النائب العام المكلف حقيقة واحدة وهي أن المهمة صعبة للغاية مع شارع لم يهدأ منذ الإطاحة بالبشير ولم يتذوق طعم العدالة وأن دمائه لا تزال تروي الأرض المتعطشة للتغيير وهو يضع قضية أحداث 29 رمضان نصب عينيه ربما رأى فيها نجاحه أو فشله باعتبارها أول قضية أمامه بعد التكليف عطفاً على ما أحدثته من غضب واسع انتهى باعتصام في شارع الستين نواحي منزل أحد شهداء الأحداث.
ووجه النائب العام المكلف بميزانية مفتوحة للجنة أحداث 29 رمضان ووضع سقف زمني لمدة أسبوعين على أن تخلص اللجنة من تحرياتها أو على أقل تقدير تقترب من ذلك، وقبل هذه المقابلة بساعات كانت أسرة الشهيد عثمان قد اجتمعت بالنائب العام للاطلاع على سير القضية التي تسلمت فيها النيابة 7 جنود يتبعون للقوات المسلحة هم الآن بحراسات النياببة العامة وفقاً لإفادته لكن النيابة لم تتسلم حتى ساعة هذه المقابلة ضباط، لكن تقرير الجيش الذي أرسل للنيابة أشار لعدد 92 مشتبه بهم ويؤكد مبارك أن تقرير الجيش غير ملزم للنيابة واستجابة لطلب أولياء الدم وهو أيضا مطلب المعتصمين في شارع الستين وجه النائب العام المكلف بالسماح لأولياء الدم بحضور جلسات التحري إعمالاً للشفافية على حد قوله.
بالنسبة له قضية الشهداء بشكل عام هم يؤرق النيابة وهو يضعها ضمن أولوياته وفقاً لإفاداته خلال مقابلتي الصحفية معه، الرجل تحدث طويلاً في تبرئة نفسه مما أثير في مواقع التواصل الاجتماعي عقب توليه المنصب من أي ارتباطات مع النظام البائد لكن يبدو واضحاً أن هذه الاتهامات أحدثت شرخا ما ووضعته أمام محك صعب وهي اتهامات لاحقت كثيرون ممن شغلوا مواقع عامة بعد الثورة.
العملية العدلية تشوبها تعقيدات..قلة الكادر والكفاءة
السؤال الذي يشغل الشارع والنيابة العامة تعلم ذلك بالضرورة، لماذا تأخرت العدالة بعد الثورة، كان هذا السؤال افتتاح مقابلتي معه، بالنسبة للنائب العام المكلف والذي جاء للمنصب من رحم النيابة العامة فإنه لا يستطيع القطع بالقول إن العدالة تأخرت كما لا يستطيع القطع بالقول إن هذا وضع طبيعي لسير الإجراءات، يقول مبارك محمود إن العملية العدلية بعد ثورة ديسمبر تشوبها تعقيدات كثيرة على رأسها مشاكل النيابة نفسها المتمثلة في قلة الكادر البشري والكفاءة والقدرات، إذ تعمل النيابة بطاقة 561 وكيل نيابة في الـ (18) ولاية في السودان وهو يرى أن عملية فصل النيابة من وزارة العدل كان ينبغي أن تصاحبها معالجات أساسية مثل رفع القدرات والتدريب لسبب يبدو بسيط وهو أن عدد العاملين كان وقتها (2.000) فضّل (1.500) البقاء في وزارة العدل، بينما المتبقي انخرط في النيابة العامة، يواصل مبارك القول “هذا العدد من وكلاء النيابة بينهم (271) تعيين 2014 وبالضرورة تنقصهم الخبرة الكافية في بعض البلاغات، وهذا العدد فيه (50) رئيس نيابة، بشكل عام، هذا العدد لا يغطي بالشكل المطلوب مع حجم البلاغات، وتنظر النيابة العامة في أكثر من (100) بلاغ أبرزها قضايا فساد تتعلق بالنظام البائد وقضايا قتل عمد خلال وبعد ثورة ديسمبر.
تحسن مستوى الاستجابة في رفع الحصانات بين كافة القوات النظامية.
يضيف مبارك لمزيد من شرح تأخر العدالة أن البلاغات معقدة وليست بسيطة، “على سبيل المثال توجد بلاغات في قضايا وقعت قبل 10 سنوات، هذه الفترة طويلة وتضفي تعقيدا شديدا في الوصول للبينات والشهود، وهذه مسألة غاية في التعقيد. الشهود والبينات الوصول إليها ليس سهلا نحن الآن نبذل جهد مضاعف” ويضرب مثلا ببعض الإجراءات المتعلقة برفع الحصانات قبل أن يعود ويقول إن مستوى الاستجابة في رفع الحصانات تحسن كثيراً، سألته: هل تحسنت الاستجابة في كافة القوات النظامية، أجاب بنعم، يتابع مبارك القول “بيئة العمل تحتاج لدعم كبير وهي واحدة من تداعيات فصل النيابة من وزارة العدل” وتحدث بشكل مفصل عن الميزانية والدعم اللوجيستي وبالضرورة التدريب ورفع الكفاءة، يتابع “هذا يحتاج ميزانيات معقولة ولا نقول مفتوحة” لكنه في النهاية يتفق مع القول إن الأداء العدلي يظل بطئ مقارنة مع الفترة التي أعقبت سقوط البشير.
سألته عن قضية معمر موسى وميخائيل بطرس اللذان ألقت القبض عليهما لجنة إزالة التمكين منذ عام وخلال ساعة المقابلة هذه طلب النائب العام المكلف ملف القضية للاطلاع عليها وقال إنها لن تخرج عن ثلاثة احتمالات، إما أن تكون هناك بينة والبلاغ في هذه الحالة ينبغي أن يحول للمحكمة، أو لا توجد بينة وينبغي إطلاق سراحه، أو أن الملامح لم تتضح بعد وفي هذه الحالة أيضا ينبغي إطلاق سراحه ومواصلة التحري، إلا إن كان المتهم في مواجهته بلاغات لا يجوز فيها الإفراج.
وفيما يتعلق ببلاغ بهاء الدين نوري الذي قُتل تعذيبا بمعتقلات الدعم السريع يقول النائب المكلف إن التحري شبه اكتمل في البلاغ ويتوقع وصوله المحكمة قريباً.
تأسيس نيابة للجنة إزالة التمكين ليس إرضاء للجنة بل تطبيق للقانون
سألته عن إقدامه على تأسيس متخصصة للجنة إزالة التمكين وهي كانت نقطة خلاف كبيرة بين اللجنة والنائب العام المستقيل؛ تاج السر الحبر، فهل هذا القرار محاولة لإرضاء اللجنة. بكل هدوء يقول “أنا طبقت القانون فقط” وكانت هذه النيابة نقطة اختلاف بيني والحبر، يواصل القول “في رأيي طالما القانون نص على إنشاء نيابة فليس أمامنا إلا تطبيق القانون وليس ملاواته، أما إذا كان الرأي في القانون نفسه فمكانه التشريع”
سألته عن كيف تكون العلاقة بين لجنة التحقيق في فض الاعتصام ونيابة دعاوى الشهداء والانتهاكات التي نص عليها ذات القرار يقول مبارك ليس بالضرورة أن تبتلع هذه النيابة لجنة التحقيق في فض الاعتصام، فهذه لجنة مستقلة بالاستناد للوثيقة الدستورية لكن اللجنة تعمل بسلطات وصلاحيات النائب العام، أنا لا اتفق مع الرأي أن تكون مستقلة حتى من النيابة العامة لأنها في الواقع تعمل بسلطات النيابة وصلاحياتها، وفي رأيه لابد أن يكون هناك رابط بينها والنيابة هذا على أقل تقدير للاطلاع على سير العمل وإبداء الرأي الفني في بعض المسائل وتقديم مساعدات إن احتاجت.
في اعتقاد النائب العام المكلف أن تأسيس نيابات منفصلة لهذه القضايا، سوف يسهل وينظم العمل أكثر من طريقة اللجان كما ستكون هناك فرصة جيدة للاستفادة من خبرات الشرطة في التحري.
لجنة التحقيق في أحداث دارفور حقق مع 13 جنرالا بالجيش
سألته عن سير التحقيقات في لجنة التحقيق في أحداث دارفور 2003 – 2004 وهي اللجنة الموصولة بالمحكمة الجنائية الدولية وكان قد شكلها النائب االعام المستقيل ورفض أحمد هارون الإدلاء بأي أقوال أمامها مفضلاً المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، يقول مبارك إن اللجنة تحرت مع عثمان محمد يوسف كبر بحكم منصبه آنذاك وسوف تحقق مع عبد الرحيم محمد حسين وعمر البشير وعدد من الأشخاص لهم صلة بالأحداث، وحققت اللجنة مع 13 جنرالا بالقوات المسلحة.
في نهاية المقابلة تعرفت على بلاغات اكتمل فيها التحري وفي طريقها للمحكمة، بلاغ شقيق المخلوع؛ علي البشير في قضية مربعات تنقيب نفط، بلاغ بخصوص سكر مشكور، والبلاغ الخاص بقضية شقيق المخلوع؛ عبد الله البشير والذي توفى قبل فترة.