تقرير- دارفور24
دخلت ست ولايات سودانية في ظلام دامس منذ بداية نوفمبر الجاري بسبب عجز الحكومة الاتحادية بسداد الالتزامات المالية تجاة شركة “كوني او سيمي” التركية المشغلة لمحطات التوليد للكهرباء في تلك الولايات
ووجد مواطنو ولايات جنوب وشرق وشمال وغرب دارفور وولاية جنوب كردفان بجانب ولاية البحر الأحمر انفسهم في ازمة انقطاع تيار كهربائي حقيقية بلا سابق انذار بنسب متفاوتة.
حيث شهدت بعض عواصم الولايات المذكورة انعدام كامل بسبب اعتمادها الرئيسي علي مولدات الشركة التركية بينما تأثرت بعض المناطق جزئياً مثل عاصمة ولاية غرب دارفور التي تمتلك مولدات أخرى تنتج ثلث من أحتياجها الكلي
سارعت حكومات تلك الولايات الي اصدار بيانات رسمية او تصريحات توضح فيه حجم الازمة من ناحية والتلويح بالمشاكل التي ربما تحدثها تداعيات انعدام التيار الكهربائي في ولايات اغلبها تعيشها هشاشة امنية
وكانت شركة “كوني” التركية قد خاطبت محطات توليد الكهرباء في المدن التي تعمل بها في 25 اكتوبر الماضي بأنها سوف تتوقف عن العمل مطلع نوفمبر بسبب عجز الحكومة عن سداد مديونياتها المالية التي يفوق اجماليها “20” مليون دولار.
ووقعت الحكومة السودانية في العام 2017م عقداً مع شركة “كيو” التركية لتوريد محطات توليد حراري لعدد من المدن السودانية، ونص العقد الذي وصفته حكومات الولاية ما بعد ثورة ديسمبر بأنه عقد معيب وفيه شبهات فساد كبير، وينص العقد على بيع الشركة الكهرباء المنتجة للحكومة السودانية بمبلغ 70 مليار جنيه للشهر الواحدة بينما تبيعها الحكومة بأقل من 4 مليار جنيه للمواطن، وهو الأمر الذي يؤدي تراكم الديون الشهرية على الحكومة.
وقال والي جنوب دارفور موسى مهدي اسحق في تصريحات الاحد ان الشركة التركية التي تغذي مدينة نيالا قطعت التيار الكهربائي بصورة شبه كاملة عن مدينة نيالا، واضاف “الان المدينة مظلمة تماماً ونتج عن هذا الانقطاع معاناة كبيرة للمواطنين خاصة في المستشفيات والمياه” لافتا الي وقوع عدة حوادث بسبب الظلام الدامس الذي اكتنف المدينة، واضاف “بسبب عدم وجود تيار كهربائي في المستشفى نقلنا عدد من المصابين الى المستوصفات، لكنها لم تكن بها مسلتزمات طبية لمقابلة مثل هذه الحالات فاضطررنا الى نقلهم للمستسفى السوداني التركي.
واوضح انه عند زيارته لموقع الشركة التركية وقف علي حجم المعاناة التي تواجهها الشركة في استرداد حقوقها من وزارة المالية الاتحادية.
وذكر الوالي ان عاصمة الولاية مدينة نيالا تعاني ظروفاً أمنية كبيرة بسبب انتشار للسلاح، واضاف هذه المشكلة ستزيد من الجرائم والفوضى وزيادة حالات موت الاطفال والمساكين.
ربما وجدت قصية الكهرباء بالمدن التي تمدها الشركات التركية بالكهرباء تفاعلاً من قبل الحكومة الانتقالية الاتحادية حيث قال وزير مجلس رئاسة الوزراء دكتور عمر مانيس ان التيار الكهربائي سيعود للمدن التي شهدت انقطاعاً خلال ساعات اليوم الاثنين، وبعد ساعات غرد والي جنوب دارفور موسى مهدي في احدي مجموعات موقع التواصل الاجتماعي “واتساب” مبشراً بعودة التيار الكهربائي لمدينة نيالا في اشارة للتوصل الى حلول بين وزارة المالية الاتحادية والشركة التركية.
من جانبها ورغم ان مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور عاشت ليلة الاحد في ظلام دامس الا ان حكومة الولاية لاذت بالصمت، ولم تصدر اي تصريح رسمي تعبر فيه عن امتعاضها او رأيها عن انقطاع التيار الكهربائي في المدينة التي ما زالت تعاني ويلات الحرب وانتشار ثقافة العنف والنهب والسلب، ولم يستبعد بعض المراقبين ان يؤدي انقطاع التيار الكهربائي الي تجدد اعمال السرقات الليلة التي كانت منتشرة بصورة كبيرة في اسواق المدينة، لكن مدير محطة توليد كهرباء الجنينة بالانابة “فتح الرحمن محمد علي” حرك سكون حكومة ولاية غرب دارفور بارساله خطاب الي والي الولاية اشار فيه الي وصول خطاب من شركة “كوني” يؤكد توقف المحطة التركية لتاخر الدفعيات المالية، وبالتالي سوف تفقد المحطة اكثر من 50%من التيار الكهربائي المتاح، وطالب حكومة الولاية بوضع التدابير اللازمة، وفي حديث خاص لدارفور24 قال مدير محطة توليد كهرباء الجنينة “فتح الرحمن محمد علي” بخروج المحطة التركية ستدخل مدينة الجنينة في ازمة خطيرة رغم ان الولاية اقل الولايات تضرراً لانها تمتلك مولدات اخرى تنتج 5 ميقاوات، بينما تصل حاجة المدينة الفعلية اكثر من 13ميقاوات، وحيال ذلك ستضطر ادارته الي تقسيم المدينة الي ثلاث خطوط تعمل بالتناوب.
في الاثناء تحصلت دارفور24 على افادات من ممثل الشركة التركية بمدينة الجنينة “مني شنكل” رغم اصراره بانه غير مصرح له بالحديث لوسائل الاعلام
حيث قال ان هنالك عقد بين الشركة ووزارة الكهرباء تم التوقيع عليه في مارس من 2017م يجدد سنويا
وان الازمة الحالية مالية من الدرجة الأولى، واضاف وزارة الكهرباء لم تسدد للشركة استحقاقات شهرين، لذلك اصبحت الشركة عاجزة عن دفع الرواتب للموظفين، وتوفير قطع الغيار والترحيل،
مشيراً الي انهم يعانون ظروف صعبة بسبب قلة المال.
وفي ذات الصعيد قال والي شرق دارفور “محمد عيسي عليو” في بيان له إن انقطاع التيار الكهربائي بمدينة الضعين عاصمة الولاية ليس لحكومة الولاية يدٌ فيه، إنما أملته ظروف وأسباب واقعية، ورثتها الحكومة من النظام السابق ناتجة عن سوء الإدارة، واضاف ان استمرار انقطاع التيار الكهربائي ستكون له عواقب وخيمة.
فيما طالب مواطنون بعدد من المدن التي تمدها الشركات التركية بالتيار الكهربائي بضرورة ان تبحث الحكومة عن حلول جذرية، خاصة ان قضية تأخر سداد استحقاقات الشركات التركية على الحكومة تكررت، وتكررت معها عملية قطع الامداد الكهربائي عن المدن، لكن مسئول بشركة توزيع الكهرباء بمدينة نيالا استبعد ان تجد الحكومة حلاً جذرياً يضع حداً لهذه المشكلة المتجددة بسبب العقد الذي وصفه بالمعيب بين الحكومة السودانية والشركة التركية.