الخرطوم: أحمد حمدان
أغلق مدير منظمة الإغاثة الكاثوليكية الأمريكية في السودان، ملف الاتهامات الموجهة له بالإساءة بعبارات عنصرية لحارس أمن سوداني، بعدما توصل لتسوية مالية مع الشاكي انتهت بشطب البلاغ.
وكانت الشرطة السودانية أوقفت في أغسطس الماضي إدريس مؤمن، وهو مواطن أميركي من أصول مغربية، ويعمل مديرا لمنظمة الإغاثة الكاثوليكية الأمريكية قطر السودان، تنفيذا لأمر قبض صادر في مواجهته من النيابة بتهمة الإساءة لسوداني بألفاظ عنصرية.
وبدأ مؤمن مرتبكا عقب وصول فريق الشرطة إلى مسكنه ويبدو أنه لم يكن يتصور أن تقود الملاسنة التي وقعت بينه وحارس الأمن السوداني، إلى القبض عليه وايداعه حراسات الشرطة قبل أن يتم الإفراج عنه بكفالة مالية.
وبدأت تفاصيل القضية بحسب ما يرويها الشاكي، مصطفى بابكر، وهو يعمل حارس أمن في مقر سكن المتهم، نتيجة مماطلة مدير المنظمة في تسديد مستحقات مالية للشاكي كانت نظير عمل منزلي طلب منه القيام به.
ويقول مصطفى “لدارفور 24” : “كنت أعمل حارسا بمنزل المتهم مبعوثا من شركة الهدف للخدمات الأمنية، وذات يوم طلب مني أن نخرج مياه تجمعت أسفل المنزل نظير مبلغ مالي قدره 700 جنيه سوداني، وعندما أنجزت العمل ماطل في سداد المبلغ”.
وأوضح أن مدير المنظمة الإنسانية طرده من العمل بمنزله لأنه تأخر في فتح الباب لزوجته التي كانت قادمة من الخارج لحظتها، وهو ما قاده لاحقاً إلى المماطلة في منحه مستحقاته المالية.
وأضاف “بعدما أبلغني انه لا يرغب في خدماتي، طلبت منه أن يمحني مستحقاتي المالية بطرفه، فطلب أن نأتي إليه اليوم الثاني، وعندما ذهبت إليه في الموعد اوصد الباب في وجهي فور رؤيته لي وقبل أن أقول شيئا”.
وتابع “طرقت الباب مرة أخرى فخرج إليً هائجا، وخاطبني قائلاً : ماذا تريد يا عبد”.
وأكد مصطفى أنه تفاجأ بتصرف مدير المنظمة الأجنبية الذي واصل في رفضه التجاوب معه على الرغم من اخباره بأنه أتى بناء على موعد حدده له مسبقاً لأخذ حقوقه المالية.
وتابع “قلت له أنني إذا تركت لك مالي فلن اتخلى عن الإساءة العنصرية التي وجهتها لي، وبعدها توجهت إلى قسم شرطة سوبا غرب بالخرطوم ودونت بلاغاً ضده”.
ويبدو أن إدريس مؤمن، مدير منظمة الإغاثة الكاثوليكية الأمريكية في السودان، لم يكن يتوقع البتة أن يذهب حارس الأمن الذي استهذاء به وطرده مستغنيا عن خدماته، في هذا الطريق، حيث سارع لاحتواء القضية في مهدها حتى نجح في التوصل إلى تسوية مع الشاكي قضت بشطب البلاغ مقابل مبلغ مالي قدره 800 دولار أميركي.
دفع هذا المبلغ رغم أنه أنكر التهمة موضع البلاغ، وقال إنه لم يقول إساءات عنصرية في وجه حارس الأمن السوداني، بحسب محامي الشاكي.
وقال محامي الشاكي، سالم محمد أحمد، “لدارفور24” إن المتهم إدريس مؤمن، عرض تسوية القضية مقابل تعويض مالي للشاكي، موضحاً أن التسوية كانت بحضور ممثلين لشركة الهدف التي يعمل بها الشاكي.
وأضاف “توصلنا إلى اتفاق بعد ثلاث لقاءات جمعت بيننا في مطعم بشارع المطار بالخرطوم، وضمت كل من المتهم ومحاميه وأحد المراقبين بشركة الهدف، إضافة إلى الشاكي وشقيقه ومحاميه”.
وأكد سالم أن المتهم اقسم أمامهم على مصحف كان يحمله انه لم يقل كلمة “عبد” في وجه الشاكي، قائلاً لهم أنه لا يمكنه أن يقول هذه الكلمة لأنه من أصل امازيقي أفريقي.
وأبلغ مصدر عليم “دارفور 24” بأن المنظمة فتحت تحقيقا في الأمر بيد أن مديرها في السودان أنكر تماماً اساءته للسوداني، وعد الأمر مجرد تلفيق.
وأوضح المصدر أن مدير المنظمة استعان في باديء الأمر بمكتب محاماها شهير بالخرطوم نظير مبلغ مالي ضخم للترافع عنه في القضية، بيد أنه تراجع لاحقا وعرض التسوية قبل الوصول للمحكمة، وهو الأمر الذي رفضه المحامي وقرر الانسحاب من القضية وان لا يكون طرفا في التسوية.
ورفض المحامي الشهير كمال الجزولي الحديث “لدارفور24” حول الأمر، قائلاً إن أخلاقيات المهنة تمنعه التحدث في القضية إلا في حال حضور موكله أمامه وتخويله بالحديث.
وذكر المصدر أن مدير المنظمة الإنسانية كان يبحث عن تسوية تحفظ له براءته، حيث حاول عبر محاميه البديل أن يمرر نص في وثيقة التسوية يقول “إن البلاغ تم فتحه عن طريق الخطأ” قبل أن يتم رفض ذلك من الشاكي ومحاميه، وهو ما أكده المحامي سالم محمد أحمد، “لدارفور24” قائلاً إن النص يقدح في مهنيته ويمكن أن يعرضه للمساءلة القانونية لذلك رفضه.
ولم يتسنى “لدارفور24” الوصول إلى مدير المنظمة الاميركية بالسودان، إدريس مؤمن، للتعليق على ملابسات القضية.
وتعمل منظمة الإغاثة الكاثوليكية الأمريكية في المجال الإنساني بالسودان منذ عام ٢٠٠٤، ويتركز عملها في دارفور حيث قامت ببناء المدارس والمراكز الصحية.