نيالا- دارفور24
في ظل الظروف والاوضاع التي يعيشها السودان بعد ثورة ديسمبر المجيد والجهود التي تبذل لمعالجة الأزمات التي خلفها النظام السابق كان لأبد ان يكون للجامعات ومؤسسات البحث العلمي دور فاعل في هذه المرحلة، لذلك جاءت مبادرة جامعة الخرطوم بتنظيم ملتقى للبناء الوطني والتحول الديمقراطي الذي استمر لعدة ايام بالخرطوم بمشاركة اساتذة وباحثين من مختلف جامعات السودان كي يضع مساهمات علماء الجامعات وباحثيها امام الجهات المسئولة في الحكومة الانتقالية للاستعانة بها لانتشال البلاد الى بر الأمان، ولما كانت هناك صعوبات تواجه مشاركة كل الجامعات في هذا الملتقى، انتقلت الفكرة الى الجامعات بالولايات فانعقد ملتقى جامعة نيالا- الخميس- بمشاركة نخبة من اساتذة الجامعة والمثقفين والسياسيين ولجان المقاومة وزعماء الادارة الاهلية.
وقال مدير جامعة نيالا بروفيسور صالح الهادي ان الغرض من تنظيم الملتقى البناء الوطني والتحول الديمقراطي هو مد الحكومة الانتقالية بتوصيات فنية تدعمها في تحقيق اهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وذكر ان الملتقى جاء استكمالاً لملتقى جامعة الخرطوم وسيتم فيه مناقشة قضايا “الحكم الاتحادي والمحلي، واصلاح الخدمة المدنية، والإصلاح الاداري والقانوني، والعدالة الانتقالية، وبناء السلام ومعالجة آثار الحرب، وصناعة الدستور والانتخابات” عبر فلسفة “النقاش الحر” ليرفع توصياته الى جامعة الخرطوم لتدمج ضمن مخرجات ملتقى جامعة الخرطوم الذي يختتم اعماله اليوم السبت.
بينما قال والي جنوب دارفور السابق هاشم خالد ان بخطوة تكليف الولاة المدنيين تكون البلاد خطت خطوات كبيرة نحو التحول الديمقراطي الذي ينشده الشعب السوداني، ودعا هاشم الى ضرورة اكمال مؤسسات وهياكل الحكم التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، خاصة المفوضيات وان تكون مفوضيات مستقلة تضمن اكمال التحول الديمقراطي.
بينما عزا عدد من المشاركين في الملتقى التردي والتخلف الذي تعيشه البلاد الى نظام الحكم الاتحادي وقال نائب المدير العام لوزارة التربية والتوجيه بالولاية “محمد ادم جاد المولى” ان ترهل الحكم الاتحادي والمحلي يعود الى العدد الكبير للولايات والمحليات البلاد، اضافة الى التقسيم الحالي للولايات والمحليات وانشائها قائم على الاساس الإثني والعرقي، واضاف “بهذه الطريقة لا نستبعد ان تقوم حرب بين ولايتين لذلك ارى ان الوضع الأمثل العودة لنظام الاقاليم وتقليص عدد المحليات”
وقال جاد المولى ان ضعف الخدمة المدنية يعود الى ان تبوء المواقع العليا في مؤسسات الخدمة المدنية يكون بشرط الموالاة وليست الكفاءة، بالاضافة الى ما يسمى بالكادر المفتوح بان تتم ترقية الموظف الى الدرجات العليا دون ان يحصل على اي خبرات، وذلك لعدم العمل بنظام تقارير الخدمة، واردف “من هنا تأتي الحاجة الضرورية الى فلترة مؤسسات الخدمة المدنية ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والاستفادة مما وصل اليه العلم الحديث في مجالات الادارة والخدمة المدنية”
وقال العمدة محمد ابكر خامس ان ازمات البلاد وتراجعها بدأت منذ ان تم تغيير المنهج والسلم التعليمي بالمدارس والجامعات، وذكر ان المنهج السابق كان يعزز الروابط الوطنية والإجتماعية عكس المنهج الذي اتى به نظام الانقاذ والذي كانت نتيجته تفكيك وحدة السودان، ووصف ما تم بأنه عملية عزل واغلاق للعلاقات الإجتماعية وقطع للأواصر التي كانت تربط الشعب السوداني، وتابع “لذلك لابد من اعادة نظام الاقاليم واعادة النظر في المنهج الدراسي في كل المراحل التعليمية” وانتقد العمدة “خامس” ما يجري في مفاوضات السلام بجوبا وانتهاج منهج المسارات التي قال انه يكرس للجهويات وقال ان هذه المفاهيم يجب ان تزول، واضاف “السودانيون محتاجون ان يعيدوا صياغة انفسهم من حيث التركيب النفسي، ليصلوا الى مرحلة البناء والتطوير” لكنه نبه الى ظاهرة الاستعلاء والدونية لدى بعض السودانيين، ستكون العقبة أمام البناء وتقدم السودان.
وذكر دكتور محمود احمد سليمان من جامعة نيالا ان سبب ما آلت إليه الاوضاع في السودان هو تنامي ما وصفه بمثلث الهلاك المتمثل في ” الحزبية، القبلية، الجهوية” وقال “حتى مفهوم الكفاءة انحصر في هذا المثلث وبسببه يعيش السودان هذه الازمات المتفاقمة وبسببه فقدنا جنوب السودان وسنفقد الكثير” وارد: لا بد ان نخرج من هذا المثلث لنعبر.
وقال مدير الجامعة بروفيسور صالح الهادي ان الملتقى خرج بتوصيات قيمة سيتم رفعها لتضمن مع توصيات ملتقى جامعة الخرطوم الذي يختتم اعماله يوم السبت المقبل، وذكر ان هناك مطالبات في ثنايا الملتقى بضرورة مثل هذا الملتقى، وذكر ان الجامعة وعدت المشاركين بأن تنظم ملتقيات وقتما تقدمت أي جهة بقضية محددة ترغب ايجاد حلول لها عبر ملتقى مماثل، وابان هناك بعض التوصيات خاصة بالولاية تم تسليمها لحكومة الولاية لتتولى تنفيذها، بينما تم رفع بقية التوصيات الى ملتقى جامعة الخرطوم.
حيث أوصى الملتقى باعتماد نظام الاقاليم لادارة البلاد، ومحاربة العنصرية الجهوية والقبلية، وسيادة حكم القانون، وجمع السلاح من ايدي المواطنين، بالاستفادة من التجربة الرواندية، ومنح الادارة الاهلية سلطات واسعة ودعم كامل للقيام بدورها، فضلاً عن ترسيخ الايمان بالتحول الديمقراطي عبر الانتخابات نزيهة ومراقبة من جميع مؤسسات المجتمع السوداني والدولي، ونشر ثقافة السلام وازالة الغبن بين مكونات المجتمع، والتركيز علي القواسم المشتركة بين أبناء السودان.