لحظات عصيبة، عاشها سكان مدينة الجنينة خلال الساعات الماضية تحت أصوات الرصاص وتفجيرات القنابل اليدوية “قرنيت ودانات اربجي” وسط صياح الأطفال المرعوبين، وذلك عندما وقعت اشتباكات بين شباب من قبيلة المساليت وآخرون من القبائل العربية، بالمدينة، أدت لسقوط حوالي 7 أشخاص قتلى وعشرات الجرحى، كما شهدت المدينة حالات سلب ونهب لممتلكات المواطنين.
ودخلت مدينة الجنينة في اليوم الثاني حسب مراسل “دارفور24” في حرب شوارع التي شهدت مطاردات وقتل ونهب في بعض الأحياء السكنية. في وقت شهود فيه رتل من السيارات العسكرية تجوب الطرقات وتقوم بمطاردة المتفلتين.
اختلفت الرويات حول أسباب المشكلة، تقول رواية التنسيقية العليا للرحل بغرب دارفور في بيان تلقته “دارفور24” إن أسباب المشكلة تعود لمحاولة أحد أبناء قبيلة المساليت تفجير قنبلة قرنيت وسط مجموعة من شباب القبائل العربية كانوا في رحلة ترفيهية في وادي كجا.
وأضاف “عندما اخرج الشاب القنبلة اليدوية ولوح بها تجاه شباب القبائل العربية وقبل تفجيرها سارع أحد الشباب لإطلاق الرصاص عليه أدت إلى إصابته وبعد تجمع أنصار القبيلتين وحدثت الاشتباكات”.
لكن بالمقابل تقول رواية الطرف الثاني أن أحد أبناء المساليت كان في طريق عودته من مزرعته واعترض طريقه أفراد من القبائل العربية وطالبوه بتسليم الأشياء التي يحملها وقبل الرد عليه باغته احدهم برصاصة من مسدسه اصابته في قدمه.
بغض النظر عن الروايتين إلا ان النتيجة كانت حدوث اشتباكات قبلية ومعارك طاحنة وسط الأحياء السكنية استخدمت فيها كل انواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، مما ادخل الرعب وسط سكان المدينة لساعات طويلة.
إحدى نساء حي الجبل مربع 7 اسمها سارة أبكر، كانت قادمة من مزرعتها لحظة الاشتباكات تقول “لدارفور 24” “اريد الوصول إلى ابنائي ولا أستطيع.. أبنائي صغار وليس معهم أحد ولا ادري كيف يكون حالهم عند سماع أصوات الرصاص”.
من جانب آخر قال أحد أفراد الشرطة رفض ذكر اسمه انه تعرض لحادث نهب أثناء عودته إلى منزله وذلك حينما اعترض طريقه إثنين من أبناء العرب في الطريق الفاصل بين مربع 2•3 واشهروا أسلحتهم في وجهه وطلبوا منه تسليم الاموال والموبايلات التي يحملها.
وأضاف” قاموا باستفزازي واجباري على القيام والجلوس بشكل متكرر في الشارع العام”.
وراح ضحية تلك الأحداث في يومها الأول حسب تصريحات والي غرب دارفور المكلف اللواء ربيع عبدالله آدم، تلاثة أشخاص وإصابة سبعة أفراد بجروح.
وتجددت الأحداث في اليوم الثاني في منطقة الجمارك غرب الجنينة حيث قتل أحد الأشخاص أشارت بعض المصادر انه من أبناء الجزيرة، بينما قتل شخص آخر وحرق سيارته.
وقال شهود عيان إن هنالك حالات سلب ونهب يقوم بها شباب مسلحون يضعون “كداميل” على رؤوسهم يدخلون المنازل ويأخذون اي شيء يجدونه.
وشهدت ذات المدينة نهاية العام الماضي معارك طاحنة بين بين ذات المجموعات الاثنية، بدأت في معسكر “كريندق” للنازحين شرقي مدينة الجنينة لكن سرعان ما توسعت دائرة الأحداث وعمت المدينة بأكملها وراح ضحية تلك الأحداث أكثر من 100قتيل وعشرات الجرحى.
وأشارت اصابع الاتهام يومها إلى تورط نظاميين في الأجهزة الأمنية في تلك الأحداث حيث استخدمت آليات الدولة وأسلحتها في القتال.
وظلت تداعيات تلك الأحداث مستمرة وزادت من وتيرة التواترات والاحتقان القبلي بين القبيلتين، مما تتسبب في وقوع المناوشات من حين لآخر.
وخلال الثمانية أشهر التي تلت أحداث “كريندق” ظلت الطرق التي تربط شمال المدينة وجنوبها وتمر عبر جامعة الجنينة والجمارك وأحياء الجبل مربع 15-5–2 مقفولة من منسوبي القبائل العربية وكل من يحاول المرور عبرها يعرض نفسة للقتل.
إلى ذلك وتجنبا للاحتكاكات تم انشاء سوقين للقبائل العربية أحدهم السوق العربي في حي الجبل مربع 4 والسوق المركزي في منطقة “ام دوين” المجاورة لمعسكر كريندق.
عصابة كولومبيا
بعد أحداث “كريندق” ظهرت في السطح عصابة عرفت محليا “بكولومبيا” يشتهر منسوبيها بتجارة المخدرات والحبوب المهلوسة التي تدخل عبر دول الجوار،
وأصبحت هذه العصابة تلعب دورا اساسيا في إذكاء نار الفتنة بين القبيلتين وتقوم بالسلب والنهب والاعتداءات المنظمة وفشلت كل محاولات الزعامات الأهلية في وضع حد لها.
وقال شيوخ مخيمات النازحين وقيادات المساليت في مذكرة سلموها لوال غرب دارفور، في وقت سابق إن منسوبي هذه العصابة لا علاقة لهم بالنازحين وانما هم تجار مخدرات ولا توجد لهم أسر في المخيمات وأغلبهم من مخيمات “حجر حديد” للاجئين في تشاد.
وطالبت المذكرة حكومة الولاية بالقبض عليهم وتقديمهم إلى محاكمات حتى يعود الأمن والاستقرار لكن حكومة الولاية لم تحرك ساكنا تجاه الأمر.
وفي فبراير الماضي قام وفد من حي الجبل مربعات 1•3•4•6•8•9 بتسليم مذكرة للوالي الولاية المكلف، قالوا فيها إن هنالك عصابة اتخذت من سوق “الكيونغات” المجاور لمخيم “ابوذر” للنازحين، قامت بوضع متاريس في الشوارع وتقوم بالاعتداء على أبناء القبائل العربية مستخدمة في ذلك السلاح الأبيض والنصارى، وعلى إثر ذلك اضطر أكثر من ألفي طالب من أبناء القبائل العربية إلى تغيير خط سيرهم خوفا من تلك العصابات.
وطالبت المذكرة بالتحقيق في كل الانتهاكات التي تعرض لها ابناءهم وتقديم المتورطين في الجرائم إلى القانون وتحرير الأسواق من قبضة هذه العصابات، بالاضافة الى فتح الطرق التي وضعت فيها متاريس ووضع ارتكازات للأجهزة الأمنية في تلك الأسواق وبسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون.