سادت حالة من الربكة والإحتقان والإندهاش، وسط الشارع السوداني، خلال الساعات الماضية، إثر صدور بيان في منصات الإعلام الخاصة بمجلس السيادة السوداني، ووكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا»، يُفيد بأن اجتماعاً ثلاثياً ضم مجلسا السيادة والوزراء ومكون من قوى الحرية والتغيير، قضى بأن يُقيل رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، وزير الصحة الدكتور أكرم التوم من منصبه، قبل أن يتم حذفه.
وخرج حمدوك، ليؤكد عدم وجود أي اتفاق أو توصية من أي جهة بإقالة أكرم، وأن مجلس الوزراء جدد ثقته في وزير الصحة والكوادر الطبية بالبلاد، ليُعضّض ذلك التأكيد الناطق الرسمي للحكومة، فيصل محمد صالح، حين بيّن أن قرار الإقالة يتخذه رئيس الوزراء مع مجلس الوزراء، رُغم أن بعض من شارك خلال اجتماع مجلسا الوزراء والسيادة وقوى الحرية والتغيير، أثار ملاحظات حول أداء وزير الصحة، فيما طالب البعض بإقالته، إلا أنه تم حسم الأمر بأن هذا الاجتماع ليس المكان المخصص لذلك.
أيادي خفية
ورأى البعض أن هنالك مراكز قوة وأيادي خفية تتحكم في القرارات داخل إحدى مواقع الحكومة الإنتقالية وتُخطط لتمرير أجندة خفية، ودللوا على ذلك بأن إجتماع مجلس الوزراء، اليوم «الأربعاء»، برئاسة د. عبدالله حمدوك، احتفى بأداء وزارة الصحة برئاسة أكرم، وجدد إشادته بالجيش الأبيض لجهوده المقدرة في درء الوباء وحماية المواطنين، مما يكشف نوايا تلك الأيادي.
غضب
وبعد أن جرى تداول البيان على مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية خاصةً التي تقف ضد ثورة ديسمبر وتؤيد بطريقة خفية النظام الباد، ظهرت حالات الرفض والغضب والوعيد للحكومة حال تمت إقالة أكرم، سارع مجلس السيادة، حذف الخبر إلا أن كل الدلائل تُشير إلى أن هنالك جهةٍ ما مررت عن قصد الإقالة، لكونها حددت أن الاجتماع عقد بالقصر الجمهوري، وبتاريخ «6 مايو الماضي»، ومضت لتُسمي من بالإجتماع وهُم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وأعضاء بالمجلس، ورئيس الوزراء ووزيرين، ومكون قوى الحرية والتغيير، لتُحقق هدٍف ما.
وظهر رفض الشارع جلياً وسط لجان المقاومة بالمركز والولايات، حيث رأت لجان المقاومة والتغيير بحلفاية الملوك، أن التعليل بأن دواعي الإقالة يعود إلى فشل وزير الصحة في إدارة أزمة الكورونا، ينافي الواقع والذي تجلى فيما يبذله من جهد مقدر بإمكانياته المحدودة والمعلومة للجميع.
ومضت لتؤكد أنه ليس من إختصاصات ولا صلاحيات مجلس السيادة إقالة الوزير ولا تقديم توصية بذلك بحسب الوثيقة الدستورية.
وطالبت لجان المقاومة والتغيير بحلفاية الملوك، بكشف أسماء الوزيرين الذين كانا مع رئيس مجلس الوزارء وحضرا الإجتماع الذي أوصى بالإقالة، مع كشف أيضاً مكون قوى الحرية والتغيير ولماذ يكون مكون واحد دون بقية المكونات في القوى، وتساءلت ما الملاحظات التي استدعت الإقالة ومن يضع هذه الملاحظات وبأي حق يضعونها.
وقالت: «بدلاً من تقديم التوصيات تجاه وزير الصحة ما هو الموقف تجاه مدير عام الشرطة عادل بشائر، الذي تتهاون قواته في الإرتكازات وتسمح بمرور المواطنيين ودعم أدائها لواجبها وتسمح بمظاهرات الزواحف المقتلعين من الحكم» ـ على حد تعبير بيان المقاومة.
وسمّت ما جرى «إنقلاب أبيض» على مكتسبات الثورة من خلال المجلس السيادي، مؤكدةً أنها لن تتهاون مع مثل هذة الأشياء، مطالبةً الحكومة بدعم جهود وزارة الصحة بدلاً من وضع المتاريس لها لما تواجهه بسبب هذه الجائحة.
وقطعت بانها ستقف في خندق واحد مع وزارة الصحة، حتى نجتاز هذه المحنة، وتعهدت بمتابعة تنفيذ بقية القرارات التي صدرت منها، وقالت إنها لا ترى خللاً في سياسات وزير الصحة تتطلب إقالته، وأنها ستحتفظ في الوقت ذاته بكل صغيرة وكبيرة لما يبدر من تجاوزات لمكونات الحكومة بجميع هياكلها.
الإقالة تُنافي الواقع
واتفقت تنسيقية لجان مقاومة امبدة بأم درمان، مع بيان نظيرتها في حلفاية الملوك، بأن علل المطالبون بالإقالة لفشله في أدارة ازمة كورونا ينافي الواقع المعاش، وقطعت بأنها لم ترى حتى الان خللا في سياساته تتطلب اقالته.
وأشارت إلى أن الواضح في هذه الأزمة فشل وزارة الداخلية في ضبط الحظر الشامل، وقِلّة عدد ارتكازاتها وتساهل قواتها في المرور مع الجميع عدا الاطباء، بجانب فشل وزارة المالية في تقديم الدعم الكافي للمواطنين المتضررين من الحظر نتيجة لتخبط قرارات وزيرها الذي لم نرى له محمدة حتى الان ولا سياسة واضحة في سبيل تحسين معاش الناس ـ على حد تعبير البيان ـ.
ودعت تنسيقية أم مبدة، المطالبين باقالة أكرم، إلى المطالبة بمحاسبة افراد الاستخبارات العسكرية ممن يبيعون تصاريح المرور ويتاجرون بها في خرق واضح للقانون، مع المطالبة بمحاسبة ضباط القوات المسلحة الذين حولو عرباتهم الى ترحيل مستغلين نفوذهم للتحايل على القانون.
وراهنت على الوزير، قائلةً: «تأييدنا لدكتور اكرم، غير نابع عن اي توجه سياسي او غيره انما نابع من دورنا الرقابي الذي يصنف هذا الوزير في المرتبة الاولى من الوزراء القائمين بدورهم خلال الفترة الانتقالية بالاضافة الى وزير العدل».
وأكدت أنها ستقف في خندق واحد مع وزارة الصحة، للعبور بالبلاد من هذه الجائحة، مع العمل على ضمان انفاذ القرارات الصادرة بفتح المراكز الصحية وتوسيع رقعة مراكز العزل في ظلّ تقاعس جميع الجهات الحكومية عن ذلك.
ثورة الوزير
وتأتي كل هذه المُستجدات في ظل ثورة تغيير ينفذها أكرم، داخل القطاع الصحي بالبلاد في إطار إنفاذ موجهات الحكومة الانتقالية لإصلاح الخدمه المدنية، حيثُ أعفى اليوم لمدير عام وزارة الصحة بولاية الخُرطوم د. الفاتح عثمان فتح الرحمن. وفي مطلع الشهر الجاري أعفى هبة سر الختم حسن موسى، من مهام مدير الإدارة العامة للصحة العالمية بالوزارة. كما أعفى الأحد الماضي الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم، د.عماد عثمان أبوريد أحمد، بجانب إعفاء مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة والمراسم بالوزارة خالد حامد بخيت.