الجوع لا يقاوم
” ليتهم يتركونا أن نعمل في المساء خلال شهر رمضان”، هذا حديث حواء عديل أدم بائعة شاي في حي الدروشاب جنوب بمدنية الخرطوم البحري، عندما سألت عن مدى تأثير الحظر الشامل على عمال اليومية ومنعهم من مزاولة العمل لمدة ثلاثة أسابيع، من قبل الحكومة بعد تزايد عدد المصابين بفيروس كورونا.
حواء (35) سنة تعول أسرتها المكونة من أربعة أفراد، إضافة إلى والدها وشقيقها الصغير، كانت تعمل في صنع الشاي في محطة مواصلات الروضة بحي الدروشاب بالخرطوم شمال، خلال الفترة المسائية، حيث قالت “كنت أعمل بعد غروب الشمس إلى منتصف الليل، أستطيع أن أحصل على مبلغ مقدر من المال يكفي لدفع مصروفات أسرتي الصغير، وأضافت بعد إعلان الحظر الشامل لم استطيع الخروج إلى العمل، وتابعت بدأت أتصرف في أموال الطوارئ التي كنت ادخرها إلى اليوم الأسود، وهي أخر ما أملك لا أعرف ماذا أفعل إذا تطاولت مدة الحظر و استمر الإغلاق، وأضافت قائلة ” ربما نلجأ إلى تقليص عدد الوجبات إلى وجبة واحد في اليوم”، مضيفة نأمل في السماح لنا بالعمل خلال الفترة المسائية في شهر رمضان، حتى نستطيع توفير متطلبات الأعياد، نحن لدينا أطفال لا يعرفون ما يجري فقط يطلبون توفير ما يطلبونه، وأشارت لم نتلقى مساعدات من أي جهة و مازلنا تنتظر المساعدات التي وعدت بها الحكومة للأسرة المحتاجة، وأوضحت لجان المقاومة بالحي بدأت في عملية حصر للأسر من أجل توزيع سلعة السكر مع إقتراب دخول شهر الصوم، وأكدت سمعنا أن وباء الكورونا خطير وقاتل إلا أن الجوع أخطر و لا يقاوم، لذا إذا لم تسمح لنا الحكومة بالعمل الجزئي في رمضان سوف نموت من الجوع.
وأعلنت السلطات السودانية، الاثنين، الماضي، فرض حظر التجول الشامل في كل أجزاء العاصمة الخرطوم لثلاثة أسابيع ابتداء من 18 أبريل، وذلك لمواجهة تفشي وباء كوفيد 19 بعد تصاعد عدد الإصابات بفيروس كورونا.
إعادة النظر في الحظر
ويقول عوض الله رحمة، الذي يعمل باليومية في سوق بحري، توقفت عن العمل الأسبوع الماضي، وأعول أسرة تتكون من 5 أفراد وزوجتي، لا أعرف كيف أكمل فترة الحظر، خاصة و أنا العائل الوحيد للأسرة، وأضاف كنت أعمل باليوم لتغطية مصروفات الأسرة، بعد الحظر لا استطيع الخروج للعمل، لذا بدأت استدين من بعض أقاربي لسد نقص متطلبات البيت، وأشار إلى ان عدم توفر السلع الأساسية في منطقة السامراب ببحري، خاصة الخبز، أضطر الأسر ان تفكر في خيارات بديلة مكلفة جدا مثل صناعة الكسرة أو القراصة، وقال نسمع في الراديو بشكل يومي عن وعود الحكومة بتقديم مساعدات نقدية للأسرة ذات الدخل المحدود، إلا أن أحد لم يقدم لنا شئ، سوى مبادرة لجنة المقاومة بالحي بجلب احتياجات شهر رمضان، بعد أن قامت بتسجيل الأسرة المحتاجة، وقال عوض الله (55) عاماً إذا لم تتدخل الحكومة سوف نواجه أوضاع صعبة، وتابع على الحكومة ان تتواصل مع الأسر عبر تحديد رقم للاتصال، بدلا من عملية الحصر التقليدي التي تأخذ زمن ومجهود كبير، وأردف الان نتلقى بعض المساعدات من الجيران، مضيفا نحن لا نستطيع تحمل أكثر من ذلك، على الحكومة أن تعيد النظر في الحظر الشامل، وتابع قائلاُ” الوباء خطير لكن يجب مواجهته بطريق مختلف ليس بوقف معاش الناس”، وأوضح نحن نستجيب الى الارشادات الصحية مثل غسل الأيادي و سياسة التباعد و تجنب الزحام، إلا أننا نواجه الموت بسسب أخر وهو الجوع، خاصة اذا استمر الوضع حتى شهر رمضان الاسبوع المقبل، من الصعب ان نستطيع الصيام، خاصة زوجتي التي تقوم بأعمال شاقة خلال اليوم حيث تذهب مسافة بيعدة لجلب الحطب، بسبب عدم توفر غاز الطهي، إضافة إلى العمل المنزلي، هي لا تستطيع الصوم في ظل تلك الظروف القاسية.
وأقرت لجنة شئون أمن ولاية الخرطوم، قائمة استثناءات من الحظر الشامل الذي بدأ بالعاصمة السبت الماضي، حيث شمل المصانع العاملة في المنتجات الغذائية وعربات التوزيع وعربات نقل الخضار واللحوم والدواجن والألبان والمخابز ومحطات الوقود، إضافة إلى العاملين في الحقل الطبي والصيدلي والنظافة والمطافئ والمياه والكهرباء والصرف الصحي على أن تحصل البعثات الدبلوماسية على تصريح المرور عبر وزارة الخارجية.
تجربة جديدة في حياتنا
ويرى أنور عبدالله، سائق تاكسي، أن الحظر الكامل تجربة جديدة على حياة السودانيين، لذا يتوقع أن يتسبب في معاناة كثيرة لهم.
وقال بعد إعلان الحظر قمت بتغيير الروتين اليومي لعمل، بالخروج المبكر من المنزل والعمل حتى منتصف النهار لتوفير احتياجات أسرتي، وأضاف عبدالله (47) عام الذي يسكن في منطقة دار السلام بأم درمان، أعمل في سوق ليبيا، لنقل عمال اليومية الذين يتوافدون بأعداد كبيرة إلى السوق لكسب قوتهم، خاصة بائعي الخضار و الفواكة الذين يزاولون نشاطهم التجاري بشكل طبيعي، خلال ساعات الحظر، مضيفا هناك إقبال كبير على الشراء حتى أن بعض الخضروات تنفد في وقت مبكر، وأشار إلى عمل محلات بيع الاطعمة، في الوقت الذي أغلقت فيه المتاجر الكبيرة بالسوق خاصة التي تبيع الاقمشة و الاثاثات، وأوضح ان فترة السماح من السادسة صباحا إلى منتصف النهار كافية وتتيح لعمال فرصة لكسب المال لإعالة أسرهم، وتابع الوباء خطر، ورغم ذلك نحن عندما نخرج للعمل نلتزم بالإرشادات الصحية حيث نستخدم الكمامة و غسل اليدين بالصابون بأستمرار، مع الالتزام بتجنب الزحام قد المستطاع.
وأشار إلى أن هناك أزمة في الحصول على خبز ما أدت إلى تزاحم أمام المخابز، إلا أن مبادرات لجان المقاومة بالمنطقة لتوزيع الخبز للمواطنين في المنازل ساهمت في حل المعضلة بشكل جزئي.
عدم تفهم الحظر الشامل
وشهدت الساعات الأولى من الصباح، اليوم الأول للحظر، تدافع عدد كبير من المواطنين لشراء احتياجاتهم اليومية، بعد استثناء السلطات الفترة بين الساعة السادسة صباحا والواحدة ظهرا من الحظر للسماح للسكان بتبضع المؤن الغذائية خلالها لكن داخل نطاق الحي الذي يقيمون به.
وذكرت غرفة عمليات تنفيذ حظر التجوال أن “المواطن لم يتفهم حتى الآن أن الحظر شامل لمدة 24 ساعة، وأن فترة السماح المحددة من الساعة السادسة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، هي فقط للتسوق داخل الحي وليس للتحرك لمسافات بعيدة”.
ووجهت الغرفة، حسب بيان، السلطات المختصة باتخاذ إجراءات كافية لمنع الحركة وقفل الأسواق بشكل نهائي، وعدم السماح بممارسة أي نشاط تجاري باستثناء البقالات وأماكن بيع اللحوم والخضروات وغاز الطبخ.
ودعت الغرفة إلى وقف عمل محطات الوقود، ما عدا المحطات المخصصة للطوارئ.
كما وجهت غرفة الطوارئ شرطة المرور بمنع تكدس السيارات أمام محطات الوقود وتفعيل نقاط الارتكاز لمنع مرور أي عربة لا تحمل تصريح مرور وحجزها واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.