شرق تشاد- دارفور24- شمائل النور
أصبحت قضية الغذاء في معسكرات اللاجئين بشرق تشاد تمثل أكبر المشاكل التي تواجه اللاجئين الذي يعانون الفقر والمسغبة والتي وصلت لحد انعدام الغذاء تماما، فقبل (15) شهراً لجأت المنظمات الإنسانية العاملة في معسكرات اللاجئين إلى العمل بآلية جديدة تعتمد على تصنيف اللاجئين على أساس اقتصادي حيث قسمتهم إلى ثلاث فئات (لاجئ غني، متوسط وفقير) وبناء على هذا التصنيف يتم تقديم المعونات الغذائية والتي كانت في السابق تتمثل في (أرز، لوبيا، دقيق، زيت وسكر) ووفقاً لهذا التصنيف فإن الغذاء لن يُحظى به كل اللاجئين.
وانحسر الدعم الدولي للعمليات الإنسانية بعد موجة ثورات “الربيع العربي” وشكت عدة منظمات من تراجع الدعم الإنساني الذي فرض أولويات جديدة حول العالم.
ومع تعثر تحقيق سلام شامل في السودان ظل وضع اللاجئين والنازحين على ما هو عليه، ولم تشهد معسكرات اللجوء عمليات عودة طوعية إلا حالات فردية نادرة جداً نظراً لتفشي السلاح في إقليم دارفور وغياب الأمن.
وتحاول المنظمات التي اعتمدت آلية التصنيف إقناع اللاجئين بقبول هذا الوضع الجديد لكن الوضع الجديد قوبل برفض جماعي. هذا التصنيف أحدث توترات في بعض المعسكرات قادت إلى أعمال عنف راح ضحيتها البعض، ويعتبر اللاجئون أن صفة (لاجئ) كافية لتقديم الدعم حيث لا يوجد بالنسبة لهم “لاجئ غني”.
هذا الواقع المذري الجديد خلّ مشكلات جمة، تمثلت في تفشي أمراض سوء التغذية وبشكل خاص بين الأطفال عطفاً على أمراض فقر الدم (الأنيميا) ووفقاً لشريف يوسف الذي يعمل ممرضاً بمعسكر “كننغو” فإن غالبية الأمراض في المعسكرات تتمثل في سوء التغذية وفقر الدم وأن الحاجة مستمرة للدواء كما أن نقص الكادر الطبي يمثل أبرز المشكلات التي تواجه المراكز الصحية التي يتردد عليها بشكل دائم الأطفال والنساء.
واضطرت الفتيات بعد توقف المنظمات إلى العمل في الاحتطاب حيث كانت المنظمات في السابق تقوم بتوفير حطب الطهي، وبجانب استخدام الحطب كمصدر رئيسي لوقود الطهي فبعض النساء والفتيات يتكسبن منه بمقابل زهيد جداً، وخلال رحلات الاحتطاب يتعرضن الفتيات للاغتصاب باستمرار ووقعت حوادث اغتصاب عديدة جراء ذلك لكن لا توجد إحصائيات، وتقول فائزة وهي لاجئة مهتمة بقضايا النساء بمعساكر “قاقا” إن ظاهرة الاغتصاب الجديدة التي طفت على السطح في أعقاب توقف المنظمات تمثل أكبر مشكلة تواجه النساء اللاجئات،
ولا توجد مصادر دخل للاجئين باستثناء محاولات متواضعة لدر المال عبر أعمال يومية منهكة قليلة الأجر، وتنشط النساء في صناعة الطوب وأعمال البنيان في بعض الأحيان لكن حتى هذه الأعمال الموسمية تُجبر فيها العاملات بأخذ قدر ضئيل من الأرباح لأنهن لا يملكن الأرض، ومقابل كل “ألف” طوبة يحوز مالك الأرض على “200” طوبة، وتحتاج صناعة ألف طوبة لأسبوعين وفقاً ليحيى آدم؛ أحد شيوخ أحياء معسكر “بريجن”، وتسير النساء العاملات مسافة كيلومتر ونصف لجلب المياه على رؤوسهن، وبجانب صناعة الطوب تتوفر فرص ضئيلة للزراعة في أراضي محدودة حيث طبيعة المنطقة الصحراوية تعاني نقص الماء وخصوبة التربة، ويقتسم صاحب الأرض الإنتاج مع المزارع، ويمثل “الذرة، الدخن” غذاءً رئيساً عطفاً على “الكَوَل” وهو وجبة شعبية ولا تتوفر اللحوم والألبان بتاتاً.