أفرزت أحداث القتال بين “المساليت والعرب” التي شهدتها مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور الشهر الماضي، واقعاً مهددا للنسيج الإجتماعي بعد عمليات الفرز القبلي التي سادت حياة المنطقة.
ووقعت الأحداث على خلفية مقتل شخص من القبائل العربية خلال مشاجرة في سوق قرب مخيم “كريندق” للنازحين، تطور لاحقاً إلى هجوم شنه مسلحون من القبائل العربية على ثلاثة مخيمات للنازحين، أدى لسقوط أكثر من ١٠٠ قتيل وعشرات الجرحى.
كما أدت الأحداث إلى نزوح نحو 8 آلاف شخص إلى مدينة الجنينة بعد حرق مخيماتهم واستقروا في مراكز إيواء مؤقتة عددها 34 موقعا عبارة عن مدارس او مؤسسات حكومية.
أوضاع كارثية
ورغم ان وفد مجلسي “السيادة والوزراء” الذي وصل المدينة مطلع يناير استطاع ان يوقف القتال بين الأطراف إلا أن موجة النزوح إلى داخل المدينة أفرزت واقعا معقداً حيث تعطل دولاب العمل في المؤسسات الحكومية التي اتخذها النازحين مراكزا للايواء.
وقال عضو لجنة متضرري معسكر “كريندق” للنازحين عبدالوهاب محمد، “لدارفور24” إن النازحين في مراكز الايواء يعيشون أوضاعا كارثية حيث تفتقر المراكز لادنى مقومات الحياة، مطالباً الحكومة والمنظمات الإنسانية بالاسراع في تقديم العون والمساعدة للمتضررين.
وقال إن عودة النازحين إلى المخيمات مربوطة باستتباب الأمن وضبط المنهوبات والقبض على الجناة، لافتاً إلى أن القوات الموجودة الآن في المعسكر غير كافية.
وأشار عبد الوهاب إلى أن إحدى السيدات المسنات ذهبت الثلاثاء الماضي إلى منزلها بمخيم “كريندق” لتفقده لكنها تعرضت للضرب والاغتصاب وقد عثر عليها في حالة متأخرة قرب المخيم، مضيفاً “في مثل هذه الأحوال لايمكن ان نعود للمخيمات”.
من جهته قال عبدالله محمد، أحد شيوخ النازحين “لدارفور 24” إنهم متمسكين بتوفير الأمن في موقع الحدث، بالاضافة إلى توفير خدمات المياه والصحة والتعليم، لافتاً إلى أن الوضع الأمني حتى الآن فيه هشاشة.
تعطل دولاب العمل
وطالب حكومة الولاية بالقبض على المتهمين الذين وردت اسماءهم في تقرير لجنة التحقيق الولائية، مؤكداً أن هنالك بطء في الاجراءات الحكومية، قائلاً إن المتهمين وجدوا فرصة زمنية كافية لإخفاء المنهوبات.
ولا يبدو أن تعطل دولاب العمل في المؤسسات الحكومية التي أصبحت مراكز إيواء للمتضررين، يهم النازحين كثيرا إذ يقول عبدالله متسائلا “أين كان ودلاب العمل عندما قتل أكثر من 85 شخصاً، إذا كان هنالك حكومة ولها مؤسسات وقوات عسكرية كاملة لماذا يقتل الناس بهذه الصورة”.
وتابع “الآن الحالة النفسية للمتضررين تفوق حد الوصف، هنالك شخص محروم من الحياة كيف تتحدث معه عن تعطل دولاب العمل في مؤسسات الدولة”. ورغم ذلك توقع عبدالله حدوث كارثة بيئية خطيرة في مراكز الايواء بسبب ضيق المواقع وتدافع الناس.
وأحدث هذا الواقع بحسب أحد العاملين في المنظمات في حديثه “لدارفور24” ربكة كبيرة في عمل المنظمات الإنسانية، وقال “أصبحنا في حيرة من أمرنا ولا نستطيع ان نمييز بين المتضرر وغير المتضرر”.
وأوضح أن المنظمات بدأت في اجراءات أولية لجمع معلومات عن المتضررين الحقيقين وحجم الضرر الذي تعرضوا له، مؤكداً أن المنظمات لا تستطيع تقديم اي خدمة قبل ان تعمل قاعدة بيانات ومعلومات ترتكز عليها.
إلى ذلك قال مدير عام وزارة التربية والتوجيه، دفع آلله آدم أحمد، “لدارفور24” إن عدد المدارس التي أصبحت مراكزا للإيواء بلغ 18مدرسة أساس وثانوي.
وأكد أن طلاب المدارس المتأثرة تم توزيعهم على المدارس الأخرى ويدرون خلال الفترة المسائية بعد مغادرة الطلاب الأساسيين. موضحا ان اقبالهم ضعيف جدا خاصة طلاب مرحلة الأساس في الفصول الدنيا.
وتوقع ان تؤثر هذه الأوضاع سلبا على التحصيل الاكاديمي للطلاب في الأساس والثانوي، مؤكداً أن امتحانات الأساس قائمة في موعدها ولا اتجاه للتأجيل.