في وقت تشهد فيه الساحة السياسية اصطفافاً للتيارات الاسلامية ضد الحكومة الانتقالية وقراراتها التي تمضي في تنفيذها، برز زعيم حزب المؤتمر الشعبي الاسلامي، علي الحاج برأي مخالف للمصطفين حينما طالب بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية لمحاكمته امام قضاتها في تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور.
وطالب الحاج، خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنين بتسليم عمر البشير، إلى المحكمة الجنائية، قائلاً “نحنُ مع تسليم البشير إلى الجنائية، حيثُ كان في تسليمه فوائده عدّة للبشير، منها تبرئة نفسه”.
وأعتبرت النائبة البرلمانية السابقة عن حزب المؤتمر الوطني (المحلول) عواطف الجعلي، مطالبة حزب المؤتمر الشعبي بتسليم البشير لـ«الجنائية»، تمثّل طعناً في نزاهة واستقلالية القضاء الوطني، كما أن ذلك يمس سيادة البلاد، مؤكدةً أن القضاء السوداني مستقل وراسخ، مستشهدةً بدول خارجية تعمل على استجلاب الكفاءات القضائية السودانية للاستفادة من خبراتها.
وأكدت النائبة البرلمانية السابقة عن حزب البشير، في حديث لـ “دارفور 24” أنه لا يوجد ما يستدعي محاكمة الرئيس المخلوع خارج الأراضي السودانية.
وكان علي الحاج خلال مؤتمره الصحفي أرسل رسائل مختلفة إلى حكومة الفترة الإنتقالية، بعضها مؤيد ومُتمسّك باستمرار حكومة رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك، وبعضها مُعارض لإدارة حُكم البلاد. حيث بدأ داعماً للحكومة حين دعاها إلى الإستفادة من الثلاثون عاماً من تجربة الإنقاذ، وهو يُبارك ما يراها سياسة تمكين تنتهجها حكومة الثورة بتمكين اليسار بعد سنوات اليمين.
وتعمّد الأمين العام للؤتمر الشعبي، إرسال رسائل الخوف على مستقبل البلاد، حين نصح الحكومة بعدم إدخال السودان في نيفاشا جديدة، قبل أن يعود ويؤكد أنهم مع تسليم رئيس النظام البائد عمر البشير، إلى المحكمة الجنائية، وضد تواجد القوات السودانية في اليمن.
مجاراة المزاج العام
وقال نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل، لـ “دارفور 24″، إنه إلتقى الأمين العام للمؤتمر الشعبي علي الحاج، في لندن قبل سنوات، ودعاه حينها إلى تنفيذ القرار(1591) بتسليم البشير إلى (الجنائية) إلا أنه تراجع عندما عاد إلى السودان ولم يُثير قضية الجنائية ثانية إلا بعد سقوط النظام.
وعدّ الفريق إسماعيل، توقيت تصريحات الحاج، محاولة لمجاراة المزاج العام وعدم مُصادمة مشاعر ضحايا الصراع في دارفور، مُطالباً بضرورة إسكات الأصوات التي تُنادي بالمحاكمة الخارجية.
ورأى إسماعيل، أنه من الأفضل محاكمة البشير محلياً في ظل وجود قضاء عادل أفرزته حكومة الثورة قال إنه قادر على إنصاف الضحايا، كما أنه من الأفضل تنفيذ المحاكمة أمام أعيُن الضحايا والمجتمع، باعتبار ان المحاكمة الخارجية لا تحقق للشعب والضحايا تحديداً أي مكسب، لأنهم سيكونون غائبين عنها، وستكون المعاملة خلال المحاكمة الخارجية معاملة متميّزة، وبالتالي لن تُشفي لهُم غليلهم.
وكان الدكتور علي الحاج، تحفُظ على المنظومة العدلية، والتي قال إنها مِعوجة، وأن وجود وثيقتين أشبه بوجود «شيكين»، زد على ذلك الطامة الثانية والمتمثلة في توقيع النائب العام على عريضة سياسية طالب خلالها بمحاكمة المسؤولين عن إنقلاب 1989م، رُغم أنه كان مشاركاً، وهو ما يؤكد أن القضاء أمام خلية سياسية بلجان عدّة وهي مسألة مرفوضة تجعلنا نلجأ إلى العدالة العالمية ونُصبح عضواً في المحكمة الجنائية، أو نستعد لحدوث مجزرة لأن هناك قانون طوارئ، وطوارق يأتون بالليل ـ على حد تعبيره ـ في إشارة إلى شخصيات انتحلت صفة جهات تابعة للنائب العام حضرت الخميس الماضي إلى منزل القيادي في المؤتمر الشعبي الشيخ إبراهيم السنوسي، لتتحرى معه حول أحداث قرطبة.
وفي الوقت الذي تمنى فيه الحاج، أن يكون إنقلاب عبدالفتاح البرهان، آخر الإنقلابات بالبلاد، وهو يُكيل المدح للعسكر في شخص البرهان، طالب المنظومة العدلية في البلاد بالاعتدال، والجلوس مع المؤتمر الشعبي لمحاسبته دون الحاجة إلى تسمية لجان، وهو يمضي في حديثه متسائلاً: «منو الناكر؟.. سوينا وما برانا.. وتبنا إلى الله من الانقلابات.. فتعالوا ننقض بعضنا البعض، وتعالوا إلى كِلمة سواء».
وحذّر الحاج، من محاولة عمل قانون عزل سياسي، قائلاً: «لا نخاف العزل ولكن نُريد أن يعزلنا الشعب بانتخابات يسبقها سجل انتخابي بدلاً عن السجل المضروب حالياً، وذلك بهدف إدخال الشباب».
واستغلّ د. علي الحاج، المنصة الإعلامية لإبلاغ الرأي العام المحلي والخارجي بأن مخرج البلاد مرهون بإجراء انتخابات، تسبقها اجتماعات لكل القوى السياسية وعلى رأسهم الحكومة الحالية والتي أقرّ بأنهم يعترفون بها ومنفتحون للتعامل معها في أي مكان، وذلك بهدف إيجاد مخرج للبلاد وإنقاذ ما تبقى من السودان.
الأمين العام للمؤتمر الشعبي، والذي قال إن في قوى الحرية والتغيير أحزاب طوارئ وطوارق، وأحزاب تقليدية، أراد التأكيد بان الوضع الاقتصادي بالبلاد متأزم، وهو يستشهد بحديث رئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان، بعدم وجود وقود وخبز، وهو ما جعل الحاج، يقول: «البرهان رائد والرائد لا يكذب أهله»، قبل أن يلفت الحاج، الإنتباه إلى أن هناك تدخلات خارجية أوقفت الدعم المالي للسودان.
ووصفت النائبة البرلمانية السابقة عن حزب المؤتمر الوطني، عواطف الجعلي، حديث غريب، باعتبار أن المؤتمر الشعبي كان بالأمس شريكاً في حكومة النظام البائد، وظلّ يُدافع عنها ضد أي محاولات لاسقاطها، واليوم جاء حديث علي الحاج، غريباً، وبالتالي إذا حدث هذا التقارب فهي مسألة غريبة.
واستبعدت الجعلي، حدوث تقارب بن حكومة الثورة، والمؤتمر الشعبي، باعتبار ان للثاني سوابق لن ينساها التاريخ.