آثار تشكيل لجنة التحقيق الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق حول عملية فض الاعتصام امام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية التي شكلتها حكومة عبدالله حمدوك، جدل واسع وسط النساء السودانيات العاملات في المجال العام والمنظمات النسوية. وانتقدت غياب النوع الآخر” المرأة ” من أعضاء اللجنة.
واعتبرت ناشطات في حقوق المرأة القرار مخالف لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن مشاركة النساء في كل مجالات الحياة وان المرأة شريك للرجل في كل شئ.
ونتيجة لتلك الانتقادات استجاب مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري يوم الأربعاء، حيث وجه بضرورة إشراك المرأة فى مفاوضات السلام وفى لجنة التحقيق المستقلة بشأن أحداث فض الاعتصام.
وقال فيصل محمد صالح، وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فى تصريحات صحفية، إنه سيتم معالجة موضوع اشراك المرأة في المفاوضات وفى لجنة التحقيق وسيتم الاعلان عن ذلك قريبا.
وكانت منظمة منسم وهي منظمة نسوية أصدرت بيان تلقته “دارفور24” رفضت فيه تشكيل لجنة التحقيق دون مشاركة النساء في عضويتها، وقالت إن مشاركة النساء ضرورة لما دفعنه من أثمان باهظة خلال الثورة، وزادت “لن نقبل ان نتشارك الظلم ولا نتشارك احقاق العدالة”.
وأعتبرت غياب النساء في اللجنة، تجاهل للتحقيق فى أكثر الإنتهاكات التي تعرضت لها النساء كالاغتصاب، وأضاف البيان “عدم وجود نساء بهذه اللجنة يعيق التحقيق بشكل عادل”.
وأعتبرت “منسم” عدم مشاركة اللجنة بأن الحكومة لا تضع العنف الجنسي كمحور أساسي في ملف التحقيق، وهو أمر مرفوض تماما.
حساسية النوع
وقالت المحاضرة في جامعة الأحفاد، تيسير الفاتح، إن تجاهل اشراك المرأة في لجنة التحقيق يرجع للصورة الذهنية التى تصور العدالة بانها مهام مخصصة للرجال.
وزاد “وكأنهم هم المناط بهم تحقيقها ويبرروا ذلك بعقلانية الرجل، منتناسين ان هنالك نساء في المجال القانوني عملن بجد من أجل إنهاء كافة أشكال العنف وانتهاك الحقوق الواقع على السودانيين منذ التسعينات”.
وأشارت إلى مشاركة المرأة في ثورة يسمبر وتعرضها للاعتقال وتقديمها امام محاكم الطوارئ، وأضافت “هنالك مسؤوليات تقع على عاتقهن في هذا الملف تحديداً وقد شاركن في لجان الظل لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الثوار السلميين”.
وقالت إن المشكلة الحقيقة تكمن في فقدان الحساسية بالنوع الإجتماعي، مؤكدة ان إقصاء النساء عن لجنة التحقيق جاء لعدة أسباب منها ان المكون العسكري بالمجلس السيادي ليس له حساسية بالنوع الاجتماعي وليست لديهم ألية للمحاسبة وتأمين إشراك النساء في اللجان والمؤسسات عموما.
وأشارت إلى المؤسسات التي اختارت أعضاء اللجنة لم تكن موفقة في اختيار الكادر الكفؤ لجهة أنهم اما أنهم لا يملكون حساسية النوع او لا يملكون بيانات حول الكوادر النسوية.
وتابعت “يجب أن تعمل المجموعات النسوية على تحضير قوائم النساء وألا يغفل الإعلام دور ومجهودات النساء القانونيات وشقيقاتهن في المجالات”.
وطالبت بالأسرع في تكوين مفوضية المرأة وآليات المحاسبية التي تعمل على إدماج قضايا النوع الاجتماعي في المؤسسات والسياسات والتشريعات والخطط والبرامج التنموية.
السيطرة الذكورية
من جهتها تقول ناشطة في حقوق المرأة، عسجد عبدالمنعم، لـ “دارفور 24” إن غياب المرأة يعني سيطرت العقلية الذكورية على الحكومة الانتقالية.
وتابعت “ظهر ذلك جلياً في هذه اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق حول فض الاعتصام، وحينما تم فض الاعتصام لم يفرزوا بين رجل وإمرأة فالقمع والانتهاكات كانت للجميع”.
إلى ذلك قال المحامي عبدالله جالى لـ “دارفور 24” إن تشكيل لجنة التحقيق في فض الاعتصام ليست فيها شئ مخالفاً من ناحية قانونية. وأضاف “حتى أنه لا يخالف قرار مجلس الأمن الذي يطالب بمشاركة المرأة بشئ”.
وقال إن من يطالبن بمشاركة لنساء في اللجنة هن من المهتمات بمشاركة المرأة في كل شئ باعتبارها شريك في الحياة ولكن لا يخالف القانون بشئ ولا يؤثر في مجرى العدالة بشئ. وتابع جالى “غير إن هذا اللجنة رئاسية وتتفرع منها مجموعة للجان وبالتأكد سوف يتم مشاركتهن”.
وطالب جالى الحكومة بضرورة الاهتمام بمثل هذه الأشياء حتى لا تخلق أعداء جدد وتحقق التوازن في النوع الاجتماعي.