منذ أكثر من 13 عاماً هي سنوات تمرده المسلح ظل عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة جيش تحرير السودان، متصلباً في مواقفه من الحكومة المركزية حيث يرى في كل الدعوات التي تطلقها لمعالجة أزمة الحرب لا تخاطب جذور الأزمة الأمر الذي جعلها مرفوضة عنده على الدوام.
واعتبر سياسيون إن موقف رئيس حركة جيش وتحرير السودان عبدالواحد محمد نور، الرفض للجلوس للتفاوض غير مبرر ولا يستند على حقيقة ويروا إن كل الأسباب التي كانت تمنع من جلوس للتفاوض قد تلاشت وجاء عهد جديد.
عبد الواحد محمد نور من مواليد مدينة زلنجي درس مراحل التعليم “الأساس والثانوي” بزلنجي ثم التحق بجامعة الخرطوم كلية الحقوق، وعمل بالمحاماة قبل أن يؤسس في عام 2003 حركة جيش تحرير السودان ويقود عبرها تمرداً عسكرياً على حكومة المركز بالخرطوم.
وخلال سنوات تمرده عرف بمواقفه المتصلبة تجاه دعوات الحوار والتفاوض التي تطلقها الحكومة السودانية على عهد المخلوع عمر البشير، حتى أطلق عليه لقب “مستر نو”.
وهو الموقف الذي جعل قطاع الطلابي لحركة جيش تحرير السودان “الجبهة الشعبية المتحدة upf” يفتخر به، ودوما أصبح طلابه يرددون تلك المقولة الشهيرة “الرجل الذي قال لا ولن ولم يفاوض نظام القتل والخيانة والقدر”.
وتوقع مراقبون أن تتغير مواقف عبدالواحد في الوضع الجديد الذي أعقب سقوط نظام البشير وتشكيل حكومة انتقالية، ويجلس إلى طاولة التفاوض مع الحكومة الجديدة على الرغم من المواقف التي أبداها خلال الأيام الماضية من الحكومة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير.
رفض غير مبرر
يقول المحلل السياسي محمد أحمد شقيلة، لـ “دارفور 24” إن أهم ما يميز رئيس حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد النور من غيره من القيادات في الكفاح المسلح أنه لم يدخل في تفاوض مع نظام المؤتمر الوطني البائد.
وأضاف شقيلة أن عبد الواحد كان يرى إن النظام بمناوراته وسلوكياته لا يريد إحلال السلام، وتابع قائلا “هذا ما أثبتته كل الاتفاقيات التى حدث معه لذى عبدالواحد كان محقاً في ذلك بقدر كبير”.
وتابع “لكن اي كان فمثل هذه المواقف لا ينبقي أن تكون من صفات السياسيين، وأن السياسي مهما كانت موقفه الرافضة لا يقول لا للحوار ابدا ولو قالها فهو غير سياسي”.
وأكد شقيلة أن رفض عبدالواحد الجلوس لطاولة الحوار في الوقت الحالي غير مبرر لأن النظام الذي حملة ضده السلاح قد ذهب وان الوثيقة الدستورية أقرت بكل ما كان يقاتل من أجله من قضايا النازحين واللاجئين وأعاده تؤطينهم وكل ما يتعلق بقضية الحرب والسلام.
وتابع قائلا “بالإضافة إلى أنها نصت على أن السلام لن يتحقق إلا بمخاطبة جذور المشكلة السودانية كما يحلو له إن يسميها هو”.
وأضاف شقيلة “اما بالنسبة لمسألة نزع السلاح من الجنجويد فهو لا محال سيحدث في أطار الترتياب الأمنية المرتبطة بعملية السلام الشامل شاء من شاء وأبا من أبا”.
وذكر أن الأجواء السياسية بعد التغيير وسقوط النظام الإنقاذ وبداية عهد جديد رغم التحفظات حوله إلا إنه البيئة مهيئة للتفاوض الذي يؤدي للسلام الدائم والمستدام.
وأضاف شقيلة “إن قبل عبدالواحد الجلوس للتفاوض يستطيع مع رفاقه إن يحققوا كل مطالبهم وإن رفض التفاوض بأسباب جديدة فسيجد قطار السلام قد تحرك من دونه وسيظل عبدالواحد في المحطة ذاتها لم يتحرك مما يمكن ان يجد نفسه معزولا داخلياً ومرفوض خارجيا”.
وكان عبدالواحد محمد نور، أعلن رفضه الجلوس في طاولة المفاوضات مع حكومة عبدالله حمدوك التي تم تشكيلها بشركاء بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الذي أعتبره اللجنة الأمنية للنظام السابق.
وعز عبد الواحد رفضه الدخول في المفاوضات بأن هذه الحكومة هي امتداد للنظام السابق أو نفس النظام وما حدث هو تغيير في رموزه وليست تغيير جذري يحقق دولة المواطنة التى حمل السلاح من أجلها.
كما وجه الاتهام لكل مكونات قحت بما فيها تجمع المهنيين قائلاً إنهم سرقوا ثورة الشعب ولم يكون لهم دوراً في صناعتها وإنما ظهرت تكتلاتهم بعد اندلاع الثورة.
وذهب عبدالواحد أكثر من ذلك وقال إن الأغلبية الساحقة في “قحت” كانت تتفاوض مع نظام البشير لأجل إطالة عمره وذلك مع بداية التظاهرات الشعبية.
وأكد على الاستمرار في طريق النضال ضد النظام القائم حتى أسقاطه وأقامة دولة المؤسسات التي تحقق مطالب الشعب السودان من الاستقرار والسلام الشامل.
من جهته يقول القيادى في الحزب الشيوعي السوداني، كمال كرار، إن هذا موقف عبدالواحد منذ فترة النظام السابق هو موقف يشهد له بأنه ظل ضد النظام حتى سقوط، وأضاف “لكن المعطيات السياسية متغيرة”.
واكد في حديثه لـ “دارفور 24” أن الثورة مهددت لعملية السلام بنسبة 50% إضافة إلى رغبة الحكومة الانتقالية في تحقيق السلام. وأضاف “هذه الفترة يجب ان يسكت فيها صوت البندقية الذي شرد وراح ضحيته الملايين من الشعب السوداني”.
وطالب كرار الحكومة بالقيام بإجراءات تمهيد للحوار والتفاوض مثل إلغاء الأحكام التي طالت منسوبي حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور حتى تفتح الباب تحقيق السلام.
وتابع كرار “على عبد الواحد أن يضع السلاح ويأتي ويغيير من الداخل ويساعد في بناء الوطن حتى لو كان في الضفة الأخرى المعارضة المدنية من حكومة أي معارض مدنياً”.
من جهته يرى القيادي في الحرية والتغيير وحزب المؤتمر السوداني، نور الدين صلاح الدين، في قوله لـ “دارفور 24” أن موقف عبد الواحد الرافض غير موفق، وعزا ذلك للتغيير الذي حدث في الوقع الذي كان يمنع إحلال السلام.
وأضاف “قد انتهى بالانتفاضة الشعبية التي أسقاط النظام وجاءت بحكومة تحظ بقبول دولي وشعبي، كل هذا المؤشرات تجعل عدم قبول عبد الواحد لجنوح للسلام غير مبرر”.
وأكد أن ما يحدث بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح خطوة نحو تحقيق السلام الشامل ويجب أن يسمع عبد الواحد للصوت الذي ينادي بالسلام.