في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن دور المرأة السودانية وقيادتها للحراك الشعبي ومطالب النساء السودانيات بتمثيلهن بنسبة 50% في المجالس التشريعية، تشهد مناطق نائية بالسودان أبشع أنواع الانتهاكات في حق طفلات بتم تزوجهن قبل بلوغ السن القانونية.
في منطقة “أبوجيلي” الوقعة في الريف الشرقي بولاية سنار تم عقد قرآن طفلة تبلغ من العمر 16 عاماً بعد ان تركت المدرسة وهي في الصف الثامن أساس للزواج.
وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ “دارفور 24” فإن الزواج تم رغم رفض المأذون أستخرج قسيمة الزواج بسبب مخالفة الخطوة للقانون، مؤكداً عدم إستخراج القسيمة ما لم تصل الفتاة السن القانوني للزواج
وأشار إلى أنه في حالة استخراجها يقدم للمحاكمة ويمكن إن يجرد من ممارسة مهنته، وابلغ المأذون العريس أنه في حالة الزواج وحدث أي مكروه للطفلة سيقدم للمحاكمة والإدانة من قبل محكمة الطفل.
دور الدين
وقال أحد مواطني المونطقة لـ (دارفور 24) إن زواج الطفلة صحيحاً لأن الدين أشترط الإشهار وان زوجها لا يخالف دين الإسلام بل اقتدى بالرسول صلي الله عليه وسلم حين زواجه من عائيشة رضي الله عنها.
من جانبها قالت معلمة بمدرسة أبوجيلي لـ (دارفور 24) إنه خلال هذه العام قد تم عقد قرآن أربعة طالبات وهن جميعهن كان يجب إن يجلسن للامتحان الشهادة الأساسية من المدرسة.
ووأضحت أنها كانت مشرفة الصف العام الماضي ولاحظت وجود رغبة للطالبات في الزواج المبكر رغم انها ادارت معهن نقاشا حول خطورة زواج القاصرات وتعريفهن بأهمية مواصلة التعليم في هذه السن.
وأضافت “لكن دائماً مايخالفن الرأي ويقولن إن مصير البت الزواج وان المجتمع يرى قمة نجاح البنت في إنها تستطيع إن تتزوج في وقت باكر، واذا تجاوزت عمر 24 دون الزواج ينظر لها بأنها عانس”.
ويرى بعض الشباب الذين استطلعتهم “دارفور 24” أن الزواج من فتاة صغيرة يضمن لهم إن زوجته لم تقيم علاقة غرامية مع أحد، ويستطيع أن يجعلها تفعل ما يريد ان تكون عليه الزوجة.
القوانين والتوعية
وقال الناشط السياسي الطيب عبد الله، إن توعية الدولة بمخاطر زواج الطفلات القاصرات هو ضمن حقوق الطفل في دستور السودان، قائلاً إن المجتمع لم يجد توعية وتثقيف بذلك حتى منظمات المجتمع المدني التي حصرت نفسها في المدن الكبيرة ولم تعمل على أن تنتشر في السودان كله.
وأضاف الطيب إن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع هي أقوى من كل القوانين ويجب تصحيحها وذلك لا يأتي بثقيف وتوعية وفي كل مؤسسات سوء التعليمية والاعلامية ومنظمات المجتمع المدني.
فيما ارجع الناشط الحقوقي عاطف بحر، جذور مشكلة زواج الطفلات للتقسيم الغير عادل بين الذكور والإناث في إطار البيت، مضيفاً “مثلاً على الذكور الدفاع وتلبية مطالب الأسرة وعلى المرأة رعاية الأطفال والقيام بالمهام المنزلية برغم من إن هذا التقسيم بدأ يتغير في الستينات والسبعنيات إلا إنه ما زلت بقاياه في المناطق الريفية بصورة أكبر من المناطق الحضرية”.
وعزا وجودها اليوم لضعف العمل الذي تقوم به المنظمات الحقوقية المهتمة بقضايا الطفل وسط المجتمع. قائلاً إن زواج الطفلات يحرمهن من التعليم الذي يساهم في بناء الأسرة.
وأضاف “عندما نتحدث عن زواج القاصرات لابد إن نوعي إن الزواج المبكر يحرم الطفلة من حقها في التعليم واللعب وممارسة الأنشطة المختلفة غير إن المنظمات الدولية أعتمدت زواج الطفلات أقصى أشكال العنف الجنسي”.
وطالب عاطف منظمات المجتمع المدني بتغيير استراتيجية التعامل في التوعية من طرقها التقليدية إلى أساليب جديدة مثل الحوار بين الأجيال والحوار المجتمعي والمسرح التفاعلي.
وأتفقت عضومبادرة “لا لقهر النساء” أميرة عثمان مع عاطف بحر حول أسباب زواج الطفلات من عدم التعليم والظروف الاقتصادية ودور العادات والتقاليد المجتمعية.
وانتقدت أميرة قانون الأحوال الشخصية في الدستور السوداني الذي لا يجرم ولي الأمر في تزوجه لطفلة وعدم ضمينه عقوبة لذلك. مضيفة “بل لم يتضمن نص صريح لمنع زواج القاصرات.
وطالبت أميرة عثمان بتعديل قانون الأحوال الشخصية وتصديق السودان على اتفاقية سيداو وتابعت “هنالك إحدى المنظمات لديها مقترح لقانون الأحوال الشخصية مع تغيير أسمه لقانون الأسرة”.