بعد 4 أيام من المباحثات المكثفة في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا توصلت قوى الحرية والتغيير، والجبهة الثورية إلى توافق على مسودة لتحقيق السلام في دارفور والمنطقتين خلال الفترة الانتقالية المقبلة. وينتظر أن يتم اعتماد المسودة بشكل رسمي كباب داخل الاعلان الدستوري الذي يجري النقاش حوله حالياً داخل تحالف قوى الحرية والتغيير بالخرطوم للتوافق حوله قبل التوقيع عليه رسمياً مع المجلس العسكري الانتقالي.
اجتماعات أديس أبابا
ومنذ الجمعة الماضية تستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اجتماعات مشتركة بين وفدين من قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة في دارفور على رأسها حركة تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي، والعدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم، كما تضم الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة مالك عقار، التي تقاتل الحكومة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وبدأت الاجتماعات بمشاركة وفد من قوى الحرية والتغيير يضم كل من د. محمد ناجي الأصم، ممثلاً عن تجمع المهنيين ووجدي صالح، عن قوى الاجماع الوطني، ومريم الصادق، وابراهيم الشيخ، عن نداء السودان، وعبدالله موسى، ودكتور يوسف محمد زين، فيما ضم وفد الجبهة الثورية مني أركو مناوي، ومالك عقار، وقيادات فصائل التحالف الأخرى.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجبهة الثورية، محمد زكريا فرج الله، لـ “دارفور 24” إن الاجتماعات استهدفت بالتناول قضايا السلام في إطار عملية الانتقال المدني، وتحديات تشكيل الحكومة الانتقالية، والهيكل الاداري لتحالف قوى اعلان الحرية والتغيير.
وأوضح أن وفد قوى إعلان الحرية والتغيير عرض على الجبهة الثورية الاتفاق السياسي المزمع توقيعه مع المجلس العسكري وكذلك مسودة الاعلان الدستوري، حيث درست الجبهة الثورية الوثيقيتن بشكل عميق وتلخصت رؤيتها في عدم المساس بما ورد في المسودتين وتركت أمر تطويره لمواعين الحرية والتغيير بما فيها البجهة الثورية.
مسودة السلام
وأشار إلى الجبهة الثورية قدمت لوفد الحرية والتغيير رؤيتها حول السلام خلال الفترة الانتقالية مكتوبة وعرضتها على الأطراف لابداء الملاحظات حولها توطئة لاعتمادها كباب كامل داخل الاعلان الدستوري يفصل مسائل السلام.
وأضاف “حتى اليوم صبيحة الإثنين ١٥ يوليو انتهت الأطراف من الموضوع الأول والأساسي المتعلق بتكييف عملية السلام في إطار عملية الانتقال الديمقراطي، ووجدت المسودة التي عرضتها الجبهة الثورية الترحيب والاشادة ومن المأمول اعتمادها اليوم الاثنين بشكل رسمي وستضمن بشكلها المعتمد في مسودة الاعلان الدستوري وتتبناها قوى الحرية والتغيير باعتبارها تمثل رؤيتها وليست رؤية الجبهة الثورية”.
وأكد زكريا أن الأطراف ستجلس إلى الوسيط الافريقي لاطلاعه على ما تم التوافق حوله، مضيفاً “الأجواء والنقاشات ايجابية والروح الطيبة السائدة هنا تبشر بمعالجة مسألة هيكلة الحرية والتغيير”. موضحاً أن الأطراف فور اعتمادها المسودة بشكل رسمي ستعقد مؤتمرا صحفيا للتبشير بما وصفه بالانجاز التاريخي والتعريف بمضامينه وبمعناه وأثره على المشهد والقضية السودانية.
هيكلة قوى الحرية والتغيير
وذكر أن أجندة الاجتماعات تشمل إلى جانب قضية السلام، موضوعات هيكلة تحالف قوى الحرية والتغيير، تفادياً لما سماه الخلل الاداري الذي قاد إلى تعطيل اتخاذ القرار داخل التحالف وافرز ممارسة معيبة غيبت رؤية كتل مهمة، حسب قوله. وأضاف “ترى أطراف الحرية والتغيير ضرورة أن يتخذ القرار داخل التحالف بمشاركة جميع الكتل بجانب ضرورة التوافق على رؤية تفاوضية مرجعية”.
والجبهة الثورية هي واحدة من مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير لكن لتعقيدات وضعها المسلح جعل قادتها غير قادرين على الحضور للخرطوم والانخراط مع رفاقهم في الاجتماعات مع المجلس العسكري الانتقالي.
وبدأت الاجتماعات في أديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي، حيث انعقدت جلسات مشتركة بحضور جميع الكتل المكونة للحرية والتغيير وجلسات أخرى اقتصرت على الحركات المسلحة.
اجتماعات ما قبل التفاوض
وفشلت جولة التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي كانت مقررة مساء أمس الأول الأحد في الانعقاد للمرة الثانية، وذلك بعد ان طلبت قوى اعلان الحرية والتغيير من الوسيط الافريقي تأجيل الجلسة لمدة 48 ساعة حتى تتمكن من مناقشة وثيقة الاتفاق بين مكونات التحالف.
ومنذ السبت انخرطت أطراف تحالف قوى الحرية والتغيير في اجتماعات مكثفة فيما بينها لدراسة الوثيقة المقترحة للاعلان الدستوري والسياسي، وانتهت الاجتماعات بالتوافق على رؤية موحدة يتم تسليمها للوساطة اليوم قبل ان تستأنف المفاوضات المباشرة مع المجلس العسكري.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري، د. محمد أحمد شقيلة، لـ “دارفور 24” إن توقيع الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بات أمراً صعباً وأن الأقرب هو ان تفشل المفاوضات بين الطرفين كما ينبي بذلك واقع الحال.
وأوضح أن الوساطة “الافريقية الاثيوبية” المشتركة عملت على تعقيد وتعميق الخلاف بمقترحاتها بدلاً عن تقديم الحلول، كما ان المجلس العسكري يريد اتفاقاً يجني من خلاله بعض الضمانات لعناصره واملاء بعض ما يشبه الشروط، حسب قوله. وأشار شقيله إلى وجود خلافات داخل قوى الحرية والتغيير بين أصحاب الهبوط الناعم الذين يردون تقاسم السلطة مع المجلس باي شكل، والآخرين الذين يريدون تحقيق مطالب الثورة كاملة دون تنازلات. مضيفاً “هذا في مجمله يقود إلى بان فشل المفاوضات وسيكون السؤال عندها ثم ماذا بعد”.
ثلاث سيناريوهات
ورسم شقيلة سيناريوهات ثلاث في حال فشل الأطراف في التوصل لاتفاق أولها انفراد المجلس العسكري بالسلطة وقيامه بتشكيل حكومة من طرف واحد، لكنه نبه إلى هذا أمراً صعباً ان لم يكن مستحيلاً لأن المجلس لن يستطيع ان يفعل شيئاً لمشاكل البلاد وأزماتها الخانقة والمشكلات الخارجية كما يواجه بعدم الاعتراف به خارجياً.
بينما السيناريو الثاني بحسب شقيلة هو ان يتمكن عناصر النظام البائد من لملمة أطرافهم ومحاولة استعادتهم للسلطة، مردفاً “وهذا أمر يستحيل حدوثه لأن المجلس العسكري حتى وان اختلف حد القطيعة مع الحرية والتغيير لن يسمح للنظام السابق بالرجوع على الأقل حفاظاً على نفسه، ناهيك عن ان الشارع السوداني لا يمكن ان يقبل بالنظام القديم مرة أخرى”.
والسيناريو الأخير طبقاً لـ “شقيلة” هو اندلاع الموجة الثالثة من الثورة التي تطالب بداية بإخراج قوى الهبوط الناعم من تحالف الجرية والتغيير من ناحية، والدعوة لاسقاط المجلس العسكري من ناحية أخرى، مضيفاً “وهذه المرة مع المقاومة المستمرة سيؤدي إلى إراقة كثير من الدماء”.
وفي تختام تحليله يقول شقيلة إن عمليات القمع ومحاولات الالتفاف على مطالب الثورة ومنعها من بلوغ غاياتها، يؤشر إلى ان السيناريو الأخير هو الأقرب للحدوث ما يؤدي إلى إنزلاق البلاد في دائرة العنف الذي يفتح الباب امام “الهجمة الأمنية” التي قوامها القوى الخارجية.
والجمعة الماضي، أعلن الوسيط الأفريقي أن المجلس العسكري السوداني وقوى “الحرية والتغيير” اتفقا بشكل كامل على الإعلان السياسي المحدد لهيئات المرحلة الانتقالية كافة.
وقضى الاتفاق المنتظر توقيعه بشكل رسمي من الطرفين بتشكيل مجلس سيادي من 11 عضواً مناصفة بين المجلس العسكري والحرية والتغيير (5+5)، والعضو المكمل شخصية وطنية مستقلة، على أن يتولى العسكريون رئاسته لمدة 21 شهراً والمدنيون الـ18 شهراً الأخيرة من عمر الفترة الانتقالية.
كما قضى بتشكيل مجلس وزراء من الكفاءات الوطنية المستقلة، تقوم بترشيحهم قوى الحرية والتغيير، فيما تم إرجاء تشكيل المجلس التشريعي إلى فترة 3 أشهر بعد تكوين الحكومة المدنية.