(1)
في 14 ابريل 2019 عقد المجلس العسكري الانتقالي مؤتمراً صحفياً بالخرطوم حيث أصدر عدد من القرارات، في البدء لابد من الإشادة إلى بعض القرارات التي ارتبطت بإقالة كل من وزير الدفاع السابق ونائبه و غيرها من التصريحات الإيجابية التى إرتبطت بمصادرة دور حزب المؤتمر الوطني بالمركز والولايات والتحفظ على ممتلكاته، لكن بالنظر إلى مجمل القرارات نجد ان هنالك غياب للمنهج الذي يستند عليه المجلس العسكرى فقد جاء بعضها ليكشف عن عدم إطلاع على تقارير دقيقة عن حالتها أو أعتمادها علي تحضير غير مكتمل، فجاءت تحمل بعض القصور في الضبط القانوني واللغوي وغياب عن توضيح ما يسند القرار من اسباب ليجعل منه أولوية تتصدر أجندة المجلس، و لعل المنهج و خطة العمل تعتبر من الضرورة بمكان ولا سيما في ظل فترة انتقالية تلت 30 عاماً شهدت إنتهاكات وآسعة النطاق و تكسير لبنية الدولة، كما تجدر الإشارة إلى أن صعود المجلس العسكري جاء في سياق مخاض لإحتجاجات شعبية تعتبر الأوسع نطاقاً في تاريخ السودان لما بعد الاستقلال بالإضافة الى أن المجلس جاء بعد تطورات سياسية جعلت النظر إليه مشوباً بالريبة من جانب، والرفض من جانب بعض القوى المرتبطة بالحراك والشارع، بالإضافة للمواقف الإقليمية والدولية التي تناهض سلطة المجلس.
(2)
غياب المنهج أعني به عدم توضيح الأسباب التي دفعت بعض القرارات الي حيز الأولوية، مثل قانون النظام العام الذي تحفظ عليه وأُحيل الى لجنة مختصة للمراجعة. في البدء لابد من الاشارة الى أنها مجموعة قوانين تصدر من المجالس التشريعية للولايات بمعنى أن كل ولاية لها قانونها بالتالي فإن القرار كان يجدر أن يجد الضبط ليشمل كل القوانين المتعلقة بالنظام العام في كل ولايات السودان ، لأنه من ناحية موضوعية ان كان الامر يتعلق بالمراجعة فيجدر أن ينص القرار صراحة مشيراً إليها كقوانين بدلاً عن قانون واحد، ومن الناحية الموضوعية كان الأجدر إيقاف سريان القوانين المرتبطة بالنظام العام، لأن الأمر لا يقف عند ذلك الحد بل هنالك شرطة ونيابة تتبع لمنظومة النظام العام ولا مجال للنظر حولها إلا فى إطار الإصلاح الشامل لكل القوانين المتعارضة مع الدستور والإلتزامات الإقليمية والدولية.
(3)
شملت القرارات الإستمرار في إلقاء القبض على رموز النظام السابق المشتبهين فى قضايا فساد وكل من تدور حوله شبهة. أن القرار قصر الأمر على قضايا الفساد على الرغم من أن هنالك أفعال مرتبطة بجرائم ومخالفات لقوانين مختلفة وإنتهاك للدستور، وأيضا ًكان من الاجدر من ناحية الشفافية و حق الجمهور في الحصول على المعلومات و الحصافة السياسية يجب الكشف عن المحتجزين.
(4)
حسناً فعل المجلس بإطلاق سراح كل من الناشطين هشام محمد علي “ود قلبا” و محمد حسن عالم ” البوشي”، بالرغم من أنه سرد التهم، إلا صحيح القانون يشير إلى أن القرار يجب ان يتم وفق نص المادة 58 من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991 الذي منح وزير العدل سلطة حفظ الدعوي الجنائية و إطلاق سراح المتهمين في حال الدعاوي قيد النظر ، الا ان المجلس ظهر وكأنه إتخذ قراراته دون الاطلاع على تقرير مسبق عن المعتقلين المتبقين في المعتقلات، حيث أن القرار لم يشمل عدد من الناشطين الذين تم الإفراج عنهم بعد يومين وبعد إحتجاج عدد من المنظمات الناشطة على ذلك، أضف الى ذلك المنحي الذي ذهب إليه المجلس كان يجدر أن يشمل أو يشير إلى عدد المحتجزين لأسباب سياسية من مليشيا حرس الحدود منذ نوفمبر 2017، لدى الإستخبارات العسكرية علي خلفية حملة جمع السلاح بدارفور ويقدر عددهم بما يقارب 290 بموجب المنشور الرئاسي 419-2017 ، والذى تم تنفيذه بدوافع سياسية فى إطار تصفية الحسابات بين المليشيات و رموز النظام السابق مثل الاستاذ حسبو عبد الرحمن، هذا مع التأكيد على ضرورة محاسبة عادلة لمليشيات حرس الحدود على الإنتهاكات التى إرتكبتها خلال أزمة دارفور وبمعزل عن الدوافع السياسية وتصفية الحسابات بين رموز النظام. و كذلك النظر في ظروف إحتجاز أسري الحرب من الحركات المسلحة الذين يخضعون للحبس فى سجن الهدي منذ مايو2017 تحت ظروف سيئة قادت لوفاة أكثر من ستة منهم متأثرين بسوء التغذية وفقر الخدمات الطبية.
(5)
يمكن قراءة دوافع قرار إعفاء كل من سفيري السودان بسويسرا و واشنطن الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل و محمد عطا المولي على التوالي بأن الغرض إبعادهم من التواصل مع مجلس حقوق الانسان والامم المتحدة بإعتبارهما من رموز النظام السابق، فإذا كان الامر كذلك وجب أن يشمل السفير السودانى بأثيوبيا حيث مقر الاتحاد الأفريقي وسفير السودان بمصر حيث مقر الجامعة العربية.
(6)
أًخيرا حملت بعض القرارات جمل نصت علي عبارة “الظواهر السالبة” و التى جاءت فضفاضةن فالااجدر للقرارات الرئاسية أن تكون مضبوطة لغة وقانوناً لانها تترتب نتائج ترتبط بالحقوق و الواجبات والحريات .