خالد فتحي
المتظاهرون قضوا ليلتهم في حركة دؤوبة واضعين كل الاحتمال لهجوم غادر جديد، في ظل الشائعات القوية بأن الاعتصام سيفض بهجوم بـ”التاتشرات” لكن الاعداد تضاعفت دون اكتراث لتلك الشائعات.
ضباط وجنود الجيش كانوا في حالة استعداد كامل بتعزيزات اضافية، ظهورهم المتكرر وسط المتظاهرين كان يبعث على الطمأنينة، هناك حالة احترام عميق متبادلة بين الجيش والمتظاهرين.
بسالة وصمود المتظاهرين صارت مشهدا متكررا لا تحتاج الى تأكيد، اعداد الذين قضوا الليلة هناك كانت اضخم بكثير من الليلة السابقة والاستعداد كان عاليا لحماية الثورة حتى لو بلغت التضحية بالأرواح.
المتاريس كانت كأجمل ما يكون وفرق التأمين انتشرت بكثافة عند الطرق المؤدية الى الاعتصام، وكانت تبث تحذيراتها الى المتظاهرين عند ظهور اي طارئ.
عمليات النظافة مستمرة بدون توقيف وعلى الدوام تشاهد بعض المتظاهرون يكنسون المكان داخل مقر الاعتصام ويجمعون قوارير المياه الفارغة في اكياس قمامة كبيرة.
جلب الطعام والشراب اصبح عملية معتدة وكثيرة جدا ولا تحصى ولا تعد وتعبر عن اصالة شعبنا وطيب معدنه ومن المشاهد التي اثرتنا ونحن جالسون امام احد المتاريس قرب نفق جامعة الخرطوم، صبي صغير جاء يحمل سنندوتشات فول وقتها كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل، الزميل عادل كلر قال لي بتأثر شديد:” والله الزول دا يكون جاي من بري شايل الصينية دي عشان يوصلا للناس المعتصمين هنا”..
خدمة الاتصالات والانترنت عقبة كبرى في مقر الاعتصام وشركات الاتصال خاصة شركة زين حصدت النسبة الاعلى في نقمة المعتصمين والقادمين الى مقر الاعتصام وكونك تحمل هاتف بشريحة زين يعني ببساطة انك ستكون خارج الخدمة حتى تخرج من مقر الاعتصام.
عملية الاستلام والتسليم بعد شروق الشمس جرت وتجري كما في الايام الفائتة، بطريقة جميلة ورائعة وسلسة ودون تعقيدات ولا حتى تبادل حديث بات كل شخص يعلم المطلوب منه بالضبط ويقوم بانجازه على اكمل وجه.
المعنويات مرتفعة للغاية واحساس عميق لدى الجميع بأن هناك سودان يتخلق في رحم التكوين .. وهناك جنود مجهولين يعملون بجد واجتهاد ودون ضوضاء لأجل التغيير ولأجل ان يكون وطننا في المقدمة، هؤلاء نتمنى ان يتسع الوقت لنكتب عنهم ونوثق مافعلوه لاجل انجاح هذه الثورة المجيدة .. كل تلك المشاهد تؤكد ان شعبنا لايستحق ان يحكمه هؤلاء.
نقلا عن حساب الكاتب على فيس بوك