برأت محكمة الإرهاب بجنايات الخرطوم شمال شابين من محاولة إختطاف علي كوشيب المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور ومحاولة ترحيله من جنوب دارفور للمثول امام المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي والادلاء بشهادة ضد الرئيس السوداني، عمر البشير، المتهم هو الآخر بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور.
واعتقل جهاز الأمن والمخابرات في أغسطس العام الماضي، شابين في كل من منطقة “صليعة” بشرق دارفور، و”رهيد البردي” بجنوب دارفور، بتهمة الشروع في تنفيذ عملية أمنية لصالح حركة تحرير السودان برئاسة عبد الواحد محمد نور.
وتتلخص العملية بحسب فرد جهاز الأمن التي رواها امام المحكمة في جمع معومات عن الشرطي بقوات الاحتياطي المركزي “علي كوشيب، واختطافه وترحيله إلى جبل مرة ومنه إلى أفريقيا الوسطى ومن ثم إلى هولندا لتسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية.
لكن قاضي المحكمة، خالد رمضان، بعد استماعه لحيثيات القضية وأطرافها خلال جلسة واحدة انعقدت اليوم الثلاثاء وأمتدت لثلاث ساعات أصدر حكماً ببراءة المتهمين وأمر بإطلاق سراحهم فوراً لعدم تقديم الإتهام بينات ترقى لإدانتهم.
حيثيات القرار
وقال القاضي في حيثيات قرار براءة المتهمان بأنهما قدما للمحاكمة بمخالفة نص المواد “5،6” من قانون مكافحة الإرهاب، إلا أن المحكمة من خلال الإطلاع على ملف الدعوى وجدت بعد استفسارها للمتحري باعتباره شاهد نفى وجود أي بينات تفيد بإنتماء المتهمان لأي من المنظمات الإجرامية والإرهابية خارج البلاد، كما أكد المتحري عدم تقديم الإتهام أي بينات بقيام المتهمين بأي نشاط إجرامي أو إرهابي.
وأوضح قاضي المحكمة أن كل الأدلة المقدمة في مواجهة المتهمين لا تشير ولا تؤدي إلا لتبرئتهم مما نسب إليهم من إتهام، حيث أمرت المحكمة بالإفراج فوراً عن المتهمين ما لم يكن مطلوبان في إجراءات أخرى.
رواية المتحري
وقال المتحري مساعد شرطة عمر فاشر، يتبع للإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية، إن الشاكي المفوض وهو عضو بجهاز الأمن والمخابرات، ابلغ بتاريخ 8\11\2018م بالقبض على المتهمين إثر توفر معلومات بأن المتهمين بصدد جمع معلومات عن نظامي ينتمي لأحد القوات النظامية، بغرض التخطيط لإختطافه وترحيله الى معسكر كلمة ومن ثم دولة أفريقيا الوسطى ومنها ترحيله الى هولندا وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.
ونفى المتحري ظهور أي بينات من خلال التحريات تُظهر إنتمائهما لأي حركة أو منظمة إجرامية ولا إرهابية خارج البلاد، كما أن الإتهام لم يقدم أي بينات تثبت قيام المتهمين بأي نشاط إرهابي.
وأضاف المتحري “فور إكتمال التحريات خاطبت نيابة أمن الدولة جهاز الأمن والمخابرات الوطني لإحضار الهواتف المعروضات التي تخص المتهمين، الإ أن النيابة لم تتسلم الهواتف حتى تاريخ إحالت البلاغ للمحكمة”.
وقدمت النيابة المتهمين للمحاكمة بمخالفة نص المواد “5،6” من قانون مكافحة الإرهاب فيما شطبت الإجراءات في مواجهة “3” أخرين لعدم كفاية البينات في مواجهتهم.
رواية الأمن
من جهته قال المبلغ وهو عضو بجهاز الأمن والمخابرات، إن معلومات توفرت لديهم في يونيو من العام الماضي تفيد بأن منسق معسكر كلمة بولاية جنوب دارفور كلف المتهم الأول عضو بحركة عبد الواحد محمد نور بتنفيذ عملية أمنية بجمع معومات عن شخص يدعى “علي كوشيب” ومن اختطافه وترحيله الى جبل مرة ومنه الى أفريقيا الوسطى ومن ثم إلى هولندا بغرض الشهادة ضد الرئيس البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح الشاكي أن المتهم الأول قام بتكليف المتهم الثاني بالإتصال بآخر لجمع المعلومات ورصد تحركات المطلوب.
وأكد الشاكي لدى سرده للوقائع امام المحكمة القبض على المتهم الأول بولاية شرق دارفور بتاريخ 12\8\2018م، ومن خلال التحريات الميدانية أكد أنه بموجب تكليف من شيخ معسكر كلمة الذي كلفه بالبحث عن شخص بمنطقة “رهيد البردي” لمساعدته في جمع معلومات عن الشخص المطلوب.
وأضاف “على إثرها إتصل بالمتهم الثاني الذي زامله في المسيد في عام 2001م وإلتقى به بالمنطقة وكلفه بجمع المعلومات عن الشخص المراد إختطافه، وبالفعل قام المتهم الثاني بالتقاط صور لمزرعة الشخص المراد تسليمه وصيدلية، إضافة الى صورة شخصية عبر الفيس بوك للمتهم الأول وبدوره قام بنقلها لشيخ المعسكر”.
وأضاف “كما أن المتهم الثاني أطلع الأول بالبرنامج اليومي لذات الشخص وأكد له بأنه يخرج من المنزل باكراً على متن عربة لاندركوزر بلون أخضر نحو السوق من ثم يتواجد عصراً بالمزرعة”.
وتابع “كذلك أطلعه بالزمن المناسب لتنفيذ العملية، ليقوم المتهم الأول بتحذير الثاني من تبليغ أي جهة بتلك المعلومات وهدده بتصفيته أو أُسرته حال بدر منه تسريب للمعلومات، بحسب عضو جهاز الأمن امام المحكمة”.
استجواب المحكمة
ومن خلال إستجواب المحكمة للمتهمين نفيا ضلوعهما بالانتماء لأي منظمة إجرامية أو إرهابية، كما نفى المتهمان إنتمائهم لحركة تحرير السودان برئاسة عبد الواحد محمد نور.
وقال المتهم الأول إن علاقته بالمتهم الثاني زمالة بخلوة تحفيظ قرءان في عام 2001م ومن تلك الفترة لم يلتق به إلا عبر اتصال بالهاتف في عام 2018م نافياً تكليفه للمتهم بجمع معلومات عن أي شخص. وحول صور المزرعة أكد بانها تم عرضها عليه بمبان جهاز الأمن أبان إعتقاله.
فيما نفى المتهم الثاني إرساله أي صور للمتهم الأول عبر الفيس بوك، كما نفى إلتقاطه أو حيازته لأي صور لمزرعة الشخص المراد إختطافه.
اتهامات باطلة
من جهتها نددت هيئة محامي دارفور بظاهرة إعتقال بعض البسطاء من الهامش خاصة فى دارفور وتدبيج إتهامات باطلة ضدهم ونقلهم من قراهم ومزارعهم إلى الخرطوم وتعريضهم للمحاكمات بتهم باطلة.
وقالت في بيان اطلعت عليه “دارفور 24” تعليقاً على المحاكمة إن آدم عبد الكريم عبد الله، المتهم الأول في القضية بعمل مزارع بالأجرة بمنطقة “صليعة” بجنوب دارفور حيث تم إعتقاله من المزرعة التى يعمل فيها بواسطة الدعم السريع وجهاز الأمن فى 11/8/2018 وتم نقله إلى نيالا ثم معتقلات جهاز الأمن بالخرطوم بحرى.
قبل ان يتم تحويله إلى نيابة أمن الدولة متهما تحت مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة بالإنتساب لحركة عبد الواحد نور والإشتراك مع آخرين ومنظمات دولية ـ لم يتم ذكرها أوتحديدها ـ بزعم التخطيط والعمل على إختطاف على كوشيب من مزرعته برهيد البردي لتسليمه لمحكمة الجنايات.
وأضاف “المذكور أصلا لا يعرف على كوشيب ولم يسمع به كما هو لا يعرف أين هى محكمة الجنايات الدولية ومقرها”.
وأوضح البيان أن المتهم الثاني، زكريا سليمان أبكر محمد، يعمل فى تجارة الخردوات بمنطقة “رهيد البردي” بولاية جنوب دارفور تم إعتقاله فى 12/8/2019 من دكانه ونقله إلى نيالا ثم معتقلات جهاز الأمن بالخرطوم بحرى، ثم متهما أمام محكمة جنايات الخرطوم شمال بتهم الجرائم الموجهة ضد الدولة وتأسيس منظمة إرهابية والإنتساب لحركة عبد الواحد نور والإشتراك مع منظمات دولية لإختطاف المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية على كوشيب.
9 أشهر في المعتقلات
وقالت بيان هيئة محامي دارفور إن الشاكى ـ جهاز الأمن ـ لم يقدم أية بينة فى مواجهة المبرئان من المحكمة رغم انهما مكثا فترة ناهزت التسعة أشهر ما بين معتقلات الأمن بنيالا والخرطوم بحري وحراسة نيابة جرائم أمن الدولة فى إنتظار المحكمة.
وذكر أن البريئان تعرضا خلال الاعتقال لصنوف من التعذيب وأصيب المتهم الثانى إصابات بالغة من جراء التعذيب تستدعى العلاج الجراحى. وأضاف “فى جلسة واحدة إنعقدت اليوم شطبت المحكمة البلاغ المفتوح بالنمرة أعلاه وأطلقت سراحهما بالبراءة”.