قضية تخطيط معسكر “السريف” للنازحين غربي مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور وتحويله إلى مدينة سكنية بحسب ما أعلنت عنه حكومة الولاية بموجب موجهات رئيس الجمهورية عمر البشير، لا زالت عالقة بعد تسببها في توترات بين النازحين، لجهة ان عملية التخطيط وتسليم القطع السكنية شابها الكثير من التعقيدات وشبهات الفساد، حيث اتهمت مجموعة من قيادات النازحين سلطات البلدية ومعاونيها من شيوخ المعسكر بالتلاعب بالاجراءات وارتكاب شبهات فساد وتجاوزات في عملية التخطيط.
تجاوزات واحتجاجات
هذه التجاوزات دفعت مجموعة من النازحين المتضررين لقيادة حركة احتجاجية لايقاف هذه الاجراءات، وقال عدد من شيوخ المعسكر لـ “دارفور24” إنهم تقدموا بشكوى لوالي الولاية السابق آدم الفكي، واطلعوه على حيثيات التجاوزات التي ارتكبتها سلطات بلدية نيالا في عملية تخطيط المعسكر بالتنسيق مع بعض شيوخ المعسكر.
وأوضحوا أن الوالي لم يحسم الأمر واحاله مرة أخرى لحكومة البلدية، والتي بدورها شكلت لجنة برئاسة وكيل النيابة لمعالجة الخلل في اجراءات التخطيط. وذكر الشيوخ أنهم ظلوا يتابعون مع وكيل النيابة لعدة شهور لكنه لم يستطع ان يحدث اي جديد في القضية.
واتهموا حكومة البلدية في عهد المعتمد السابق محمد العاجب ومعاونيها من بعض شيوخ المعسكر بالسعي للاستيلاء على نصيب النازحين من القطع السكنية وتمليكها لآخرين لا يستحقون- على حد قولهم- وأفادوا بأن النهج الذي اتبعته اللجنة الخاصة بتخطيط المعسكر قامت باخراج نازحين من منازلهم لتمليكها الي آخرين.
وأكد شيوخ المعسكر أن بعض من امتلكوا قطعاً سكنية بالمعسكر ليسوا من بين نازحي المعسكر وإنما سكان في مدن نيالا والضعين وغيرها من المدن، بالإضافة إلى ان بعض القطع السكنية تم تمليكها لأطفال قُصر دون الخامسة عشر من العمر، فضلاً عن ان أحد ممثلي النازحين في لجنة التخطيط انتقل للسكن في روضة الأطفال وقام بتمليكها لنفسه، وذكروا انهم أبلغوا وزارة التربية والتعليم بأمر الاستيلاء على “الروضة” لكن الوزارة لم تحرك ساكناً.
تطورات مؤسفة
حالات الشد والجذب التي شهدها المعسكر لأكثر من خمسة شهور بسبب اجراءات التخطيط لم تحرك للحكومة ساكن ما ادى الى تطور الأحداث في المعسكر وكانت النتيجة اغتيال الشيخ أحمد محمد ابراهيم، رئيس اللجان القاعدية بالمعسكر في التاسع من فبراير الحالي في حادثة هزت أركان المعسكر ووجدت استنكاراً واسعاً من قبل النازحين.
وقالت السلطات الأمنية بالولاية انها اعتقلت عدد “5” أشخاص يشتبه ضلوعهم في اغتيال الشيخ أحمد، وذكر جهاز الأمن بالولاية أن الأجهزة الأمنية نظمت حملة مداهمة وتفتيش واسعة للمعسكر عقب وقوع الحادث أسفرت عن اعتقال عدد من المتهمين في الحادثة، لكنها لم تعثر على اي قطعة سلاح بالمعسكر.
وابان ان التحريات لا زالت جارية في القضية للحصول على المتهمين وتقديمهم للمحاكمة إلا ان أحد المعتقلين تم الافراج عنه قبل يومين، موضحاً أنه كان معتقلاً لدى جهاز الأمن والمخابرات ولم يتم تحويله الى الشرطة او النيابة، الأمر الذي يثير شكوكاً حول أسباب الاعتقال، لجهة ان المعتقلين في قضايا جنائية تتولى الشرطة والنيابة والتحري والتحقيق معهم وليس جهاز الأمن.
مجوعة الـ 5
لكن أحد شيوخ المعسكر المحسوبين على مجموعة الشيخ القتيل قال لـ “دارفور24” إن المتهمين الـ “5” الذين ألقي القبض عليهم جميعهم شيوخ كانوا معترضين على الاجراءات المتبعة لتخطيط المعسكر وتحويله الى مدينة سكنية.
وقال إنهم كانوا يرون ان الطريقة التي يجري بها تخطيط المعسكر غير عادلة، مبيناً ان هذه المجموعة طالبت الشيخ “احمد” بالتوقف عن تسليم النازحين عقودات القطع السكنية وفقاً للنهج الذي اتبعته لجنة التخطيط، والذي يرونه غير منصف، لكن شيخ احمد رفض الانصياع لمطالبهم واخبرهم بأن ايقاف تسليم العقودات يقع على مسئولية حكومة بلدية نيالا، وانه عليه تسليم العقودات لكل من اكمل اجراءاته وسدد رسومه المالية للقطعة السكنية.
وزعم ان أحد أفراد هذه المجموعة اخبرهم بأن مجموعتهم اذا فشلت في ايقاف ما وصفوه بظلم النازحين فانهم سيضطرون الى تصفية أعضاء اللجنة المساعدة لحكومة البلدية، منوهاً الى انه على أساس هذا الزعم تم اعتقال أفراد هذه المجموعة، من بينهم الشيخ “حسن محمد محمود” والذي أفاد انه ظل معتقلاً في مباني جهاز الأمن والمخابرات طيلة الاسابيع الثلاثة الماضية الامر الذي أثار تساؤلات لدى النازحين والمراقبين عن التهمة التي اعتقل بموجبها قيادات النازحين الخمسة.
وتابع أحد النازحين قائلاً “الأمر المعروف ان هؤلاء النازحين اذا تم اعتقالهم بموجب اتهامهم في قضية اغتيال شيخ احمد فمكانهم حراسات الشرطة للتحري معهم لتقديمهم للمحاكمة وليس مقر جهاز الأمن الوطني”.
وذكروا أن إطلاق سراح شيخ “حسن” بعد ان اتضح انه معتقل لدى جهاز الأمن أصبح يثير جملة من التساؤلات حول غموض قضية اغتيال شيخ أحمد محمد إبراهيم، رئيس اللجان القاعدية بمعسكر السريف للنازحين.