فطومة محجوب جاد الله، هي إحدى ثلاث نساء مشهورات في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور يعملن في مهنة غاية الصعوبة بالنسبة للنساء لقسوتها على الأبدان، غير انهن اضطررن للعمل في مجال بيع المياه بواسطة عربة يجرها حمار، وسط الأحياء وذلك لتغطية نفقات أسرهن.
وتقول فطومة محجوب ذات البنية الجسمانية النحيفة البالغة من العمر 53 عاماً، لـ “دارفور 24” إنها أم لستة أطفال أكبرهم في 17 عاماً، ظلت تعمل في بيع المياه في الأحياء الجنوبية لمدينة نيالا منذ عامين لتغطية نفقات أولادها بعد إصابة زوجها بمرض صدري عجز عن العمل وأجبر على الجلوس في المنزل المتواضع بحي “تكساس” لرعاية الأطفال بينما تعمل الأم لأجل الحصول على قوتهم اليومي.
النزوح إلى المدينة
وأوضحت فطومة أنها قدمت إلى نيالا من منطقة “ام لباسة” بمحلية عد الفرسان منذ العام 2008 بعد اضطراب الأوضاع الأمنية هنالك، وعلمت في بداية قدومها إلى المدينة في كمائن الطوب بنيالا مع أخريات لفترات طويلة حتى تمكنت من شراء “فنطاس” موية وحمار بمساعدة أقربائها باعتبار انها المهنة الأفضل دخلاً من عمل يوميات الطوب.
وجول عملها السابق في كمائن الطوب تقول فطومة “كنت أنقل في اليوم الواحد عدد 1000 طوبة براسي إلى قمة الكمينة التي يبلغ ارتفاعها اربعة أمتار، وذلك مقابل مبلغ 140 جنيه، في حين لا تستطيع أية إمراة نقل ألف طوبة في يوم واحد، ام أنا فكنت مضطرة لذلك حتى أكسب منصرفات أطفالي وتوفير بعض الأموال”.
أما اليوم فتقول فطومة إنها تعيش في وضع أفضل بقليل بالمقارنة مع أيام عملها في الطوب رغم الرهق والاستياء الواضح عليها مع خشونة يديها اللتان يبدو انهما لم تألفان زينة “الحنة” منذ فترة.
وذكرت أنها حينما تجوب شوارع المدينة طارقة جركانات المياه ينظر إليها البعض باستغراب لجهة ان ما تقوم به لا يفعله إلا الرجال، لكنها تضيف “لكن سكان الحي الذي أقطنه يتفهمون ظروفي التي أجبرتني على العمل”.
وأكدت أن العديد من مواطني الحي شجعوها على الصمود والتحدي للظروف القاسية التي واجهتها، وتابعت “حتى اللحظة موفقة في تربية الصغار وقد شارفت ابنتي الكبرى ذات الـ 17 عاما على امتحانات الشهادة السودانية، بينما اربعة من أبنائي في مرحلة الأساس”.
وعود ديوان الزكاة
وأعلنت فطومة أنها تقدمت بطلبات مساعدة عديدة لديوان الزكاة لأجل توفير وسيلة انتاج تعتمد عليها في تربية أبناءها لكنها لم تحصل على شئ غير الوعود المتكررة من المسؤولين بالديوان، رغم دراسة حالتها الاجتماعية بواسطة لجنة الحي واللجان القاعدية التابعة لديوان الزكاة واللتان وصتا على الاستحقاق.
حواء مختار
من جهتها تسرد حواء مختار البالغة من العمر 36 عاما والتي أيضا تعمل في بيع المياه بمدينة نيالا تفاصيل عملها الشاق، وتقول “أنا أم لأربعة أطفال، غادر زوجي المنزل منذ أكثر من ثلاث سنوات للعمل في تنقيب الذهب بجنوب كردفان وانقطعت أخباره عننا وليس لدينا ما يكفي من قوت فأضطرت إلى العمل في هذه المهنة الشاقة”.
وأوضحت أنها مبسوطة رغم قسوة مهنتها، “طالما انهني أكسب من عرق حلال مستعدة لبذل جهد أكبر لمجابهة غلاء المعيشة“، وتؤكد أن العديد من جيرانها بالحي يشترون منها الماء وهي زبونة دائمة كمساعدة منهم وغالبا ما يساعدونها في تفريغ “الفنطاس”.
حزن وأسى
إلى ذلك قال صاحب مورد مياه “بئر” ويدعى محمد التوم عمر، لـ “دارفور24” إنه يشعر بالحزن والأسى عندما يرى نسوة يعملن في فناطييس الموية للحصول على قوت أولادهن الأمر الذي جعل معاملته معهن بشئ من الرفق، مشيراً إلى تزايد أعداد النساء اللائي يمهنن الأعمال الشاقة خاصة بعد صعوبة الظروف المعيشية.
ودعا التوم مسؤولي ديوان الزكاة إلى اهمية تمليك شرائح المجتمع الضعيفة وسائل انتاج مناسبة خاصة المدخلات الزراعية وغيرها.
فيما أبدت مديرة ادارة مجلس الأمومة والطفولة بولاية جنوب دارفور، عواطف صالح أتيم، أسفها الشديد للظروف التي تعاني منها الأمهات في الولاية من خلال امتهان الأعمال الشاقة التي لا تتناسب مع طبيعة المرأة.
وذكرت في حديثها لـ “دارفور 24” أن العديد من الأسر في الأصل هن من الريف نزحوا إلى المدن نتيجة للحروب، منوهة إلى أن الأوضاع ساءات أكثر عندما غادرت معظم المنظمات الأجنبية الانسانية التي ترعى النازحين.
اتهام ديوان الزكاة
واتهمت عواطف ديوان الزكاة بالمماطلة والتسويف تجاه المستحقين للزكاة مما دعا العديد من النسوة إلى الأعمال الصعبة في الكمائن والمباني، مضيفة أنها وصمة عار على المجتمع.
من جهته أكد أمين ديوان الزكاة بولاية جنوب دارفور، الأمين محمد عليو، في تصريحات أن الديوان رصد في ميزانيته لهذا للعام 2019 أكثر من 11 مليون جنيه لمساعدة الأسر الضعيفة بتمليك وسائل دخل معيشية.