“أصبتُ بحالة نفسية جعلتني أعيش في عزلة من المجتمع بسبب التبول اللا إرادي والبلل المفاجئ الناتج من مرض الناسور البولي الذي يسبب رائحة كريهة مما جعلتني في ضيق وحرج وسط المجتمع، وازدادت صدمتني حينما تخلى عني زوجي وتزوج بأخرى”.. هكذا تحكي “كلتومة، س، ص” التي تبلغ من العمر 34 عاما، لـ “دارفور 24” معاناتها مع مرض الناسور البولي ولكنها تنفست الصعداء عندما أجريت لها عملية جراحية بمستشفي نيالا التركي في إطار مخيمات علاج مرض الناسور البولي بدارفور.
داية الحبل
تقول كلتومة التي اتت من منطقة “ودهجام” التابعة لمحلية قريضة جنوب مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، إن المرض لازمها منذ أكثر من 13 سنة وتحديداً أثناء ولادتها الثالثة بسبب الصعوبة التي وجدتها لحظة الولادة نتيجة لعدم توفر القابلة المؤهلة بالمنطقة غير”داية الحبل” حيث حدث لها أثناء الولادة جرح في المثانة مما سبب لها مرض الناسور.
وأوضحت والدة كلتوم التي ترافق ابنتها في المستشفى أن “داية الحبل” هي إمرأة ذات خبرة بسيطة ومهارات تقليدية تقوم بتوليد النساء بالقرية عن طريق الحبل حيث يُربط في الأعلى وتمسك الحامل الحبل وتجره إلى الأسفل ليكسبها قوة الطلق لخروج الجنين، وتقوم الداية بعد الولادة بقطع المشيمة.
حالات نفسية
وأضافت كلتومة أنها طيلة فترة المرض ظلت تعيش في حالة نفسية ولا تستطيع مشاركة مجتمعها سواء في الأفراح او الاتراح بسبب التبول الغير ارادي.
وأوضحت أنها بمجرد سماعها بقيام المخيم العلاجي بنيالا اتت لمقابلة الأطباء حيث حددوا لها اجراء عملية جراحية، مردفة “بعد العملية شعرت بتحسن كبير خلال الأربعة أيام”. واعربت كلتومة عن أملها في ان تعيد العملية كرامتها وسط مجتمعها.
حقيقة مرض الناسور
ويعرف مرض الناسور البولي لدى النساء بانه عبارة عن ثقب في المثانة البولية يؤدي إلى إنزال البول إلى المهبل بطريقة غير ارادية، يحدث أثناء الولادة المتعثرة اما بسبب الزواج المبكر للفتيات او بسبب ختان الانثى بما يسمى بالختان الفرعوني مما يجعلها غير قادرة على التحكم في البول حيث يحدث لها بلل او تبول غير ارادي.
حالات طلاق
بينما تروي فاطمة يعقوب البالغة من العمر 32 سنة معاناة مع المرض الذي تعايشت معه لفترة 5 سنوات، وتقول لـ “دارفور 24” إن المرض سبب لها الطلاق بعد ان يأس زوجها من العلاج وانها بعد مقابلة الطبيب في المخيم قرر لها عملية جراحية في يوم 21 ديسمبر الجاري وهي الآن محتجزة في العنبر لاجراء التحضيرات اللازمة.
من جهته أكد الدكتور أحمد حامد، اختصاصي أمراض النساء والتوليد لـ “دارفور24” امكانية القضاء على مرض الناسور البولي حال توفر المطلوبات الأساسية من تدريب القابلات وتوزيعهن على مجتمع الريف السوداني بالاضافة إلى توعية المجتمع بمدى خطورة الزواج المبكر على الفتيات، فضلاً عن توزيع المراكز الصحية بالمحليات ومدتها بالكوادر الطبية.
ولفت حامد إلى أن مستشفى نيالا التعليمي شهدت أكثر من اربعة مخيمات لاجراء عمليات مرض الناسور البولي شملت ولايات دارفور الخمس، مضيفاً أن بعض المريضات لا ترتقي مرضهن الى اجراء العمليات الجراحية فقط تم صرف الادوية، مشيرا الى تزايد حالات المرض.
وفي ذات الصعيد أكد رئيس جمعية أصدقاء مريضات الناسور البولي، الدكتور مصطفى أبكر، لـ “دارفور24” أن هنالك جهود تبذلها وزارة الصحة لإنشاء مركز علاجي خاص لمرض الناسور البولي بمدينة نيالا لتقديم العلاج كافة ولايات دارفور الخمس.
وأضاف مصطفى أن الجمعية بالتنسيق مع المنظمات تنظم سنوياً مخيمين او ثلاثة عن طريق أطباء اختصاصيين وطنيين ودوليين في إحدى ولايات دارفور.