الخرطوم ــ دارفور 24
يعتقد مئات الناشطين السودانيين أنهم تعرضوا لأكبر عملية استخباراتية جمعت عنهم كميات ضخمة من المعلومات الدقيقة عن أشخاصهم وتنظيماتهم، يرجج استخدامها ضد العمل المعارض في المستقبل.
وتتلخص العملية في وجود حساب شبح على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) باسم سارة رحمة، تمكن من الوصول لآلاف الناشطين والناشطات في العمل المعارض، وخلق معهم علاقات عميقة وتبادل معهم الأفكار والأراء حول القضايا العامة، فضلا عن المعلومات الشخصية الدقيقة.
وتم اكتشاف العملية بعد إعلان مفاجئ عن موت “سارة رحمة” من خلال كتابة بوست على صفحتها بالفيس بوك بواسطة حساب باسم “كمالا التجاني” اتضح أنه شبح هو الآخر.
وبعد التقصي والتتبع من قبل الناشطين والناشطات قادت الخيوط إلى فنان سوداني يدعى “علاء الدين سنهوري” يعيش في العاصمة القطرية الدوحة، كان هو حلقة الوصل بين سارة رحمة والذين وصلت إليهم وخلقت معهم الصداقات.
لاحقاً وتحت ضغط البينات التي أخرجها الناشطون ـ ضحايا سارة رحمة ـ أضطر علاء الدين سنهوري للاعتراف بأنه يقف وراء الحساب الشبح باسم “سارة رحمة، وكمالا التجاني”.
وكتب على صفحته على “الفيس بوك” باغتضاب أنه يقر بالخطأ الذي لا يوجد ما يبرره ـ حسب قوله ـ ويطلب السماح والدعاء له بالتعافي.
ويشير السنهوري ضمنيا في منشوره إلى إصابته بمرض جعله ينشئ الحسابات الشبح ويتداخل عبرها مع الناشطين والناشطات ويقودهم إلى صداقات متوهمة ينثرون خلالها أدق تفاصيل حياتهم.
وهو ذات الشي الذي مَهد له بعض أقاربه بينهم غازي الريح السنهوري، قال إن علاء الدين سنهوري مصاب بمرض نفسي يجعله يتقمس شخصيات أخرى لدرجه أنه يعتقد حقيقة أنه ذاك الشخص المتوهم.
لكن العديد من الناشطين والناشطات شككوا في الرواية واستبعدوا مرض سنهوري، قائلين إن الرجل على دراية تامة بما يفعله حتى أن اعتذاره حمل كلمات مغتضبة بينما ما قام به يحتاج إلى تفسير أكبر.
ويقول الناشط المعروف د. أحمد الأبوابي، إنه من المبكر الحديث عن مرض نفسي في حالة علاء الدين سنهوري، كما لا يمكن الحديث عن المرض على الملأ إلا بشروط قانونية ومهنية معروفة عند الأطباء النفسيين.
وأضاف “ليس من حق أي شخص غير متخصص أن يقدم تشخيصاً كهذا، وحتى الشخص المتخصص يجب أن يقوم بذلك الأمر في سياق مهني محايد غير متأثر بالتعاطف أو الاستهداف”.
واستطاعت “سارة رحمة” خلال وجودها في العالم الافتراضي أن تخلق فرص عمل في الأمم المتحدة وتعلن عن معيانات لها أجراها فريق من طرفها في الخرطوم مع عدد من الفتيات، استولى خلالها على آلاف السير الذاتية.
وكذلك استطاعت سارة رحمة أن تمول انتاج كليب للفنان علاء الدين سنهوري حمل عنوان “غناء المطارات البعيدة” من دون أن يقابل فريق العمل المنتجة على أرض الواقع او يسمع صوتها عبر أي وسيلة اتصال، فقط كان التواصل محصوراً عبر الايميل.
وقال فريق إنتاج كليب “غناء المطارات البعيدة” في بيان عقب تكشف الحقائق إن سارة رحمة، كانت شخصية معروفة عبر بوستات وماسنجر الفيسبوك لبعض طاقم العمل منذ سنوات.
وأوضح البيان أن “رحمة” تواصلت في 2018 مع المخرجة رزان هاشم لإنتاج كليب غنائي لصالح علاء، وإلتزمت بتمويله، وحولت جزء من المبلغ مسبقاً مما ترك إنبطاعاً بجدية وموثوقية الإنتاج.
وأكدت أن التحويلات تمت على 3 دفعات بواسطة أفراد مسافرين للخرطوم، وليس جهات مجهولة كما تداول البعض، وذلك لإستحالة التحويلات المالية من الخارج عن طريق البنوك السودانية.
واعتبر البيان إعتذار سنهوري، وفيديو غازي الريح غير متوافقين مع حجم الأضرار الكبيرة التي حصلت للأشخاص، والشروخ الكبيرة التي تحدث الآن في المجتمع الرقمي السوداني.
وأضاف “نحن لا نشعر أن علاء سنهوري مريض نفسي أو مصاب بالإنفصام، بل نراه شخص عاقل إنساق وراء نفسه، أو أغراض أخرى، ورغم عدم تضررنا مادياً، إلا ان الخسارة الوجدانية والأجواء المسمومة التي نعايشها لا تغتفر”.
وطالب البيان بمعرفة الحجم الحقيقي للجرائم المحتملة، بعد ان تواترت إفادات مختلفة عن إنتهاكات للخصوصية، وتسريبات، بجانب إجراءات موثوقة لجبر الأضرار الناجم عن مجمل فترة تزوير الحسابات.
واتهم العديد من النشطاء جهات تقف وراء علاء الدين سنهوري، مستدلين بالمعاينات التي أجراها أشخاص في الخرطوم لوظائف بالأمم المتحدة حسبما ‘لنته سارة رحمة.
وحامت الاتهامات حول السفارة السودانية في قطر، واورد البعض معلومات تظهر ارتباط علاء سنهوري الوثيق بالسفارة السودانية في قطر.
وقالت ناهد إدريس، المقيمة في الدوحة، إن سنهوري دخل إلى قطر عن طريق السفارة السودانية وان إقامته على السفارة السودانية.
وأوضحت أن سنهوري عمل في المركز الثقافي السوداني لفترة من الزمن أن “يختلق” ـ حسب قولها ـ قصة خلاف مع المركز الثقافي، لجا بعدها لمجموعة سواء ذات العضوية الغالبة للحزب الشيوعي.
وأضافت “كسب تعاطف نساء الحزب، غادر الدوحة، ثم عاد زيارة على شركة أحد أعضاء “سوا”، ثم كسب تعاطف الجميع .. توسط له أحد أعضاء المجموعة للعمل في مكتب محامي سوداني كبير، لا زال يعمل معه حتى الآن”.
واشارت إلى أنه وخلال دخول “سنهوري” تدخلت السفارة السودانية وحلت مجموعة سواء استهدفت كل أعضاء الحزب في الدوحة كما أوقفت كل الأنشطة التابعة لـ “سوا” وكل المجموعات الأخرى عدا التي تتبع للمؤتمر الوطني.
وتابعت “عندما بدأت مجموعة سواء برنامج مدرسة السبت الوطني للأطفال كان “علاء” عضو أساسي في مدرسة السبت ثم بعدها علمت السفارة بأن “سوا” تمارس نشاط غير مرخص له من السفارة حيث توقف البرنامج”.