أرض زراعية تأثرت بالتغير المناخي في السودان

الخرطوم: محمد يوسف
يصادف الخميس، الثالث وعشرين من مارس، اليوم العالمي، للمناخ، حيث يواجه العالم
بأثره تحدي التغيرات المناخية المتسارعة.
وحذرت
الأمم المتحدة في تقرير سنوي أصدرته الثلاثاء من أن الظروف المناخية القصوى ستتواصل
في العام 2017، بعدما سجل العام 2016 معدلا قياسيا لدرجات الحرارة وانحسارا في الغطاء
الجليدي وارتفاعا في مستوى البحار وحرارتها.
ونشرت
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة تقريرها السنوي، عشية  اليوم العالمي للمناخ الذي يصادف اليوم الثالث والعشرين
من مارس الجاري.
وقالبيتيري
تالاس الأمين العام للمنظمة  في بيان  “يظهر هذا التقرير أن العام 2016 كان الأعلى في درجات
الحرارة” منذ البدء بتسجيل هذه المعطيات في أواخر القرن التاسع عشر.
وارتفع
معدل الحرارة 1,1 درجة عما كان عليه قبل الثورة الصناعية، أي بزيادة 0,6 درجة عن العام
2015
وقالت
المنظمة إن الظواهر المناخية القصوى ستتواصل في العام 2017، وحذرت من أن “دراسات نشرت
حديثا تدفع إلى الاعتقاد بأن ارتفاع حرارة المحيطات يمكن أن يكون أكبر مما كان يعتقد
وتشير
المعطيات المتوفرة للأمم المتحدة إلى أن وتيرة ارتفاع تركزات غاز ثاني أكسيد الكربون
في الجو لا تبدي أي تراجع.
وقال
ديفيد كارلسون مدير البرنامج العالمي للأبحاث حول المناخ “مع أن موجة إل نينيو للعام
2016 (للتيارات الساخنة التي تساهم في رفع درجات الحرارة) قد تبددت، إلا أننا نشهد
تقلبات أخرى في العالم بالكاد نقدر على شرحها.
وأوضح
“نحن نبلغ بهذا حدود معرفتنا العلمية في ما يتعلق بالمناخ، ونبدأ باستكشاف آفاق جديدة
مجهولة”.
السودان
يواجه التغير المناخي بالحزام الأخضر
إن
ظاهرة تغير المناخ تضع أمام الدول النامية مثل السودان تحديات معنوية  ليس فقط لأن نظمه البيئية الأكثر أهمية سوف
تتأثر سلباً ولكن لأن المزارعين والرعاة المنتشرين في آلاف القرى من المناطق
الصحراوية في الشمال إلى مناطق الغابات في الجنوب سوف تواجه صعوبات جمة كي تنتزع
لقمة عيشها تحت ظروف ضغط الحرارة المتزايد والجفاف المتكرر.
تغير
المناخ بالنسبة للسودان ليس مجرد قضية بيئية تُعرف بكميات الأمطار وارتفاع درجات
الحرارة المتوقعة  إن تغير المناخ يمثل
عقبة كأداء  أمام التنمية المستدامة
للمواطنين الموزعين علي الكثير من المجتمعات الهشة وإن مواجهة هذا الموقف يحتاج
إلى جهد جماعي وسند مالي من داخل وخارج الحدود السودانية.
يعتبر
السودان أحد المناطق الرئيسية المتأثرة بتغير المناخ بسبب نظامه البيئي الهش،
فمعظم أراضيه ذات حساسية تهيئها للتغير في درجات الحرارة والترسيب.
وغرس  السودان أول شجرة أواخر العام الماضي، في تدشين
مشروع الحزام الأخضر، لمواجهة التغير المناخي
 المشروع الذي سيطوق
العاصمة الخرطوم لحمايتها من الجفاف والتصحر، وهو من المشاريع البيئة الكبيرة التي
يعول عليها لتقليل الانبعاثات الغازية السامة في السودان والدول المجاورة
وحسب
المجلس الأعلى للبيئة  و الترقية الحضرية
بالعاصمة الخرطوم الجهة المنفذه للمشروع 
إن انفصال الجنوب كان له تأثير سلبي على السودان حيث تقلصت مساحة الغابات
إلى 10 %، الأمر الذي استوجب إصدار استراتيجية التنوع الحيوي لرفع نسبة الغابات
إلى 20%.
وذكر
المجلس في تقرير أن السودان بدأ فعليا في تنفيذ مبادرة الاقتصاد الأخضر لاستخدام
الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والمياه، التي أطلقها الوفود السوداني في مؤتمر
المناخ الذي عقد بمراكش وشاركت 195 دولة، موضحا أنه تم البدء في تنفيذ طاقة المياه
بالحفائر والسدود وزيادة المساحات الخضراء في حوض السافنا، وإلى نص الحوار.
وتابع
من أهداف مشروع الحزام الأخضر في السودان مشاركة العالم في التوازن البيئي،
فالتغيرات المناخية أثرت سلباً على الدول النامية والأقل نموا، ومن المعروف أن
القارة الافريقية عانت وتعاني من ظاهرة الغازات السامة، التي ادت الى زيادة درجات
الحرارة والجفاف والتصحر والفيضانات والسيول، الأمر الذي أدى بدوره الى زيادة في
معدلات النزوح والهجرة وزيادة الفقر، كل هذه الاسباب مجتمعه دفعتنا للتفكير في
مشروع (الحزام الاخضر) لتخفيف الغازات السامة
وأشار
إلى أن هناك مردود اقتصادي و بيئي للحزام الأخضر حيث  يقلل درجة الحرارة ويزيد درجة الرطوبة في
التربة والهواء ويمتص الغازات السامة القادمة من الخارج والداخل، ومن فوائده توفير
مورد إقتصادي للسكان للاستفادة من الأشجار المثمرة.
وتبلغ
التكلفة الكلية لمشروع الحزام الاخضر حوالي (50) مليون دولار، وتكفلت الدولة
ومؤسسات القطاع الخاص بحوالي 25 مليون دولار، وتعهد المجتمع الدولي بالمبلغ
المتبقي
وأوضح
التقرير ان المشروع سيتم تنفيذه على اربع مراحل خلال اربعة اعوام ، مشيرا الى ان
كل مرحلة تبلغ نحو 70 كيلومترا ، موضحا ان حكومة السودان ملتزمة بنحو 25 بالمائة
من جملة التكلفة المالية للمشروع والتى تبلغ 50 مليون دولار ، فيما سيلتزم المجتمع
الدولى وصناديق المناخ العالمية بنحو 75 بالمائة
 وتوقع ان يجد المشروع
دعما كبيرا من الدول والصناديق العربية التنموية والمنظمات لكل مشروعات البيئة في
السودان، كما التزمت وزارة البيئة القطرية بالمساهمة في مشروع الحزام الاخضر نمر
 ان المشروع سيتم
تنفيذه على اربع مراحل خلال اربعة اعوام ، مشيرا الى ان كل مرحلة تبلغ نحو 70
كيلومترا
ويستهدف
المشروع الذي، بدأ في ديسمبر 2016 ينتهي في ديسمبر 2020،  غرس (6) ملايين شجرة مثمرة وظلية وغابية في كل
مدن واحياء العاصمة الخرطوم، خلال العام الجاري، والمساحة المستهدفة للمشروع حوالي
13 الف فدان، وهدفنا الاساسي من المشروع تحقيق
ويحقق
المشروع الأمن الغذائي للمواطن، كما انه سيحقق فوائد اقتصادية من خلال بيع
(الكربون) من مخلفات الزراعة، وبحسب الدراسات التي أجريناها فإن عائدات الكربون
تتجاوز (3) ملايين دولار سنويا.
أثار
التغير المناخي على السودان
 وفي السودان نجد ان متوسط
درجة الحرارة في ارتفاع ملحوظ، ومن المتوقع ان ترتفع درجة الحرارة من 1.5 الى 3:1 مئوية
في شهر أغسطس من العام 2060، ومن 1.1 الى 2.1 درجة في شهر يناير، وسيشهد السودان نقصان
في معدل هطول الامطار، يصل الى 6 ملم في فصل الخريف.  والسودان يعاني من موجات جفاف متكررة وشح في مياه
الأمطار، والافراط في استخدام الاراضي الهامشية، وهيمنة استخدام الكتلة الحيوية للطاقة،
مما الحق الضرر بموارده الطبيعية، وان الجفاف الحالي يهدد الزراعة في حوالي 12 مليون
هكتار في الزراعة المطرية الالية،  و6.6 مليون
هكتار في الزراعة المطرية التقليدية، والنقص في مساحة الغابات والمساحات المزروعة،
وانخفاض المحاصيل المنتجة، ونوبات متكررة من الجفاف مع تأثيرات،  مثل النقص في مياه الشرب ، وتغيير في مواعيد زراعة
المحاصيل السنوية ، وتفشي الامراض الفطرية والافات الزراعية، نتيجة للتغييرات في درجات
الحرارة والرطوبة مما يؤدي الى زيادة خطر نقص الغذاء والمجاعة، لان انتاجية الذرة في
منطقة كردفان ستتناقص بمعدل 13%ـــ76% ، وانتاجية الصمغ العربي سوف تتناقص بمعدل
20%ـــ25%.
كما
ان تغير المناخ يؤثر بصورة واضحة على المياه السطحية والجوفية ، نتيجة لتناقص مياه
الامطار، من ناحية ، وارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي التبخر من الناحية الاخرى . ولذلك
سينقص امداد مياه النيل بما يعادل 20%ــ30%، في ال 40 سنة القادمة ، وان مخزون المياه
الجوفية سيقل بما يعادل 40%، وان مناطق كردفان ستكون هى الاكثر تأثراً.
كما
ستزداد التعرية في البحيرات الساحلية في المناطق الوسطى والجنوبية،  خاصةً دلتا طوكر، وسوف تزداد العواصف والكوارث،
خاصة الكوارث الساحلية في البحر الاحمر. وقد اظهرت اشجار المنغروف في السودان بوادر
تراجع في السنوات الاخيرة، سيزيد على الارجح مع تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر،  وسيؤثر تغير درجات حرارة سطح البحر على تغير معدلات
نمو اعشاب البحر، والتوزيع الجغرافي لهذه الاعشاب،  وان الثروة السمكية سوف تتأثر كثيراً بتغير المناخ،
لارتفاع مستوى سطح البحر، وارتفاع درجة الحرارة والملوحة  كما ان لتغير المناخ تأثيراته الواضحة على الحظائر
القومية والمحميات الطبيعية الموجودة في السودان، نظراً لتأثيره على درجات الحرارة
والمياه والغذاء بصورة مباشرة.  ومن الملاحظ
ان اعداد الطيور النادرة في تناقص واضح، كما ان هناك نفوق وسط الحيوانات.
وأقر
خبراء في مجال البيئة، بالخرطوم من خطورة الآثار المترتبة على ظاهرة التغيُّر المناخي
التي أدت إلى تناقص الموارد الطبيعية وتزايد موجات الزحف الصحراوي
ودعا
الباحثون في منتدى دور المرأة في حماية البيئة و ظاهرة التغيُّر المناخي انعقدت
بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم الثلاثاء الماضي 
إلى تكاتف الجهود للسيطرة على التدهور البيئي من خلال تبني البحث العلمي حول
السبل التي تؤدي لتكيف المجتمعات في البيئات المتدهورة مع تغيرات المناخ.
ويعرف
الخبراء الزحف الصحراوي بانه زحف الصحراء وانتقال حدودها الى الإقليم المناخي الذي
يليها نتيجة لتعاقب فترات جفاف طويلة المدى تؤدي الى انحسار الغطاء النباتي وزحف
الرمال عبر حدود الصحراء الى الداخل.
ولم
يعرف السودان فى تاريخه المعاصر خطرا يهدد تركيبته السكانية ويضعف من موارده
المحلية كخطر الزحف الصحراوى وموجات الجفاف والتصحر، وهى مشكلة تؤرق مضاجع صناع
القرار وعامة الشعب على حد سواء.
وبفعل
هذه الظاهرة تحولت ملايين الأفدنة من أراضي صالحة للزراعة، إلى صحارى جرداء ، وأدى
الزحف الصحراوى الى تنامى ظاهرة الهجرة من الريف الى المدن، كما اسهم فى زيادة
الصراعات فى المجتمعات على الاراضى الخصبة.
 وكان برنامج البيئة
التابع للأمم المتحدة اصدر تقريرا فى العام 2007 يبرز أن العوامل البيئية تعد من
الأسباب الرئيسية التي أسهمت في اندلاع الأزمة في إقليم دارفور بغربى السودان.